أو الشيء الملفف بالبجاد
تراه ينقب البطحاء حولا
ليأكل رأس لقمان بن عاد
والحكاية في مجموعها ظاهرة الطرافة، وإن كانت لا تمت إلى التاريخ بصلة، وهذا هو رأينا في كل أيام العرب إلا القليل منها. (9) النعمان الثالث 580-602م
هو آخر ملوك الحيرة اللخميين، وأكثرهم شهرة في كتب الأدب، وهو ابن المنذر الرابع، وكنيته أبو قابوس، عاصر كسرى أبرويز، وكان المنذر الرابع قد خلف ثلاثة عشر ولدا قيل لهم الأشاهب لجمالهم، وفيهم قال الأعشى:
وبنو المنذر الأشاهب بالحيرة
يمشون غدوة بالسيوف
والظاهر أن ملوك الحيرة أصبحوا من الضعف بحيث أصبح ملوك فارس يضعون على عرش الحيرة من شاءوا، وأخيرا ظفر بعرش الحيرة النعمان الثالث بمساعدة عدي بن زيد العبادي «لأنه من عباد الحيرة»، وكان يتولى الترجمة في بلاط فارس، وكان المنذر أبو النعمان قبل أن يرسله إلى المدائن قد عهد إليه بتربية ابنه النعمان، وغضب لتولية النعمان بعض إخوته، وحقدوا على عدي بن زيد، وما زالوا بأخيهم يوغرون صدره ضد عدي حتى حملوه على أن يستقدمه، وأرسل النعمان إلى ابن زيد، فاستأذن كسرى فأذن له، فلما أتى الحيرة أمر النعمان بحبسه، وطال حبسه، وعلم كسرى بخبره، فأرسل إلى النعمان أن يطلق سراحه، فتظاهر النعمان بالطاعة وأمر بقتل السجين، وكان لعدي بن زيد ابن يسمى زيدا وصل إلى مركز الترجمة في بلاط فارس بدل أبيه ولما كبر أراد أن يثأر لقتل أبيه، فما زال بكسرى يوغر صدره على النعمان ملك الحيرة حتى أفلح، فاستقدم كسرى النعمان، فلما أحس بقرب يومه استودع أمواله وسلاحه رجلا من قبيلة بكر، ثم انصرف إلى كسرى ليبدي له براءته مما اتهم به، فأمر به كسرى فحبس حتى مات في الحبس سنة 602 على بعض الروايات، وعلى أثر موته زال الحكم عن أسرة المناذرة، وولي مكانه إياس بن قبيصة الطائي، وأشرك معه في الحكم رجلا فارسيا اسمه النخيرجان. (10) بعض أخبار النعمان الثالث
يتداعى إلى الذهن - إذا ذكر اسم النعمان بن المنذر - اسم النابغة الذبياني الشاعر المشهور، ولا غرو فقد كان النعمان راعيا للأدب والشعر، وكان بلاط الحيرة في أيامه يموج بالشعراء، الذين كان من أحبهم إليه النابغة الذي هرب من الحيرة على أثر وشاية قام بها أحد منافسيه من الشعراء عقب قصيدته المشهورة التي وصف فيها المتجردة زوج النعمان وزوج أبيه من قبل، وهي مشهورة في كتب الأدب.
والنعمان هو صاحب يوم طفخة ويوم السلان، والأول كان بينه وبين بني يربوع بسبب الردافة وهي بمنزلة الوزارة، والثاني - وهو الأشهر - كان بينه وبين بني عامر بن صعصعة، وسببها غضب النعمان من أجل لطيمة لكسرى «قافلة تجارية» أرسلت لتباع بعكاظ فاعتدى عليها بنو عامر، ورغم تنكر الجيش الذي بعثه النعمان في زي التجار فإن الدائرة دارت عليه. (11) إياس بن قبيصة الطائي 602-611م
Halaman tidak diketahui