خبريني رقاش لا تكذبيني
أبحر زنيت أم بهجين
أم بعبد فأنت أهل لعبد
أم بدون فأنت أهل لدون
فقالت له: لا ولكنك زوجتني امرأ عربيا نسيبا، ولم تستأمرني في نفسي، ولم أكن مالكة لأمري، فكف عنها، وولدت رقاش غلاما أسمته عمرا، وتبناه جذيمة وألبسه طوقا من فضة، واختفى الغلام عمرو فجأة، ولم يوقف له على أثر، وأخيرا عثر عليه الأخوان مالك وعقيل وقدماه هدية للملك الذي سر كثيرا، وقبل أن ينادمهما، وكان لا ينادم إلا الفرقدين كما سبق.
وجذيمة هو صاحب قصة الزباء ملكة تدمر، ولأهمية قصتها في كتب التاريخ العربية والأدب العربي نفرد لها الفقرة التالية.
قصة الزباء
نلخص هذه القصة عن المراجع العربية فيما يلي:
كان جذيمة رجلا ميالا إلى الحروب، فجمع جيشا وسار إلى مشارف الشام، فحارب عمرو بن الظرب ملك تدمر فقتله، ثم انكفأ راجعا بجنوده إلى الحيرة، وملكت الزباء - واسمها ليلى وفي رواية نائلة - مكان أبيها عمرو، وكانت امرأة حازمة ذات رأي، وكان ملكها يمتد من الفرات إلى تدمر، فلما استحكم ملكها صممت على أن تثأر لأبيها، فنصحت لها أختها - وتسمى زبيبة - بالعدول عن الحرب وإعمال الحيلة، فنزلت الزباء عند رأي أختها وكتبت إلى جذيمة تقول له: إن ملك النساء قبيح، وتطلب إليه أن يتزوجها وأن يضم ملكها إلى ملكه وأن يقدم إليها، واستشار جذيمة رجال دولته، فأجمعوا على أن يسير إليها إلا واحدا يسمى قصيرا، اقترح أن يكتب إليها لتجيء هي إليه فقالوا: «لا يسمع لقصير رأي»، واستخلف جذيمة على ملكه ابن اخته عمرو بن عدي، وسار إلى الزباء في وجوه أصحابه، فاستقبلته رسل الزباء بالهدايا والتحف، ولم تلبث خيلها أن أحاطت به، وأدرك قصير الخطر فركب فرسا لجذيمة تسمى العصا وفر؛ فقال جذيمة: «إني أرى حزما على متن العصا»، ولما وصل جذيمة إلى الزباء أجلسته على نطع، وأحضرت طستا من الذهب، وأمرت جواريها أن يقطعوا راهشيه، وهما عرقان في الذراع، وقالت للجواري: لا تضيعوا دم الملك؛ فقال جذيمة «دعوا دما ضيعه أهله»، ولما ضعف الملك سقطت يداه، فقطر من دمه قطرة في غير الطست، فتشاءمت الزباء وخافت أخذ الثأر.
أما قصير فإنه قدم على عمرو بن عدي بالحيرة، وطلب إليه أن يستعد للثأر لخاله، ثم جدع قصير أنفه ودق ظهره وخرج كأنه هارب، وأتى الزباء ورأته على هذه الحالة فقالت: «لأمر ما جدع قصير أنفه»، ثم أخبرها أن عمرا فعل به ما ترى؛ لأنه اتهمه بممالأتها ضد خاله، فانخدعت ووثقت به، وبعد مدة قال لها: إن لي بالعراق أموالا فائذني لي لأحمل مالي وأحمل لك من طرف العراق ومتاجرها، فدفعت له أموالا وجهزت له عيرا، ورجع بما طلبت فأعجبها وسرها، ثم جهزته مرة أخرى بأكثر من الأولى فرجع، وفي المرة الثالثة أرسلته في عير كبيرة، فأخبر عمرا الخبر ، وجمع له عمرو ثقاة أصحابه وحمل كل جمل رجلين في جوالقين، وكان بين الرجال عمرو نفسه، وتقدم قصير فبشر الزباء بوصول العير وبكثرة ما حمل من الثياب والطرف، وخرجت الزباء فرأت الإبل تتهادى في أحمالها فقالت:
Halaman tidak diketahui