Teka-Teki Ishtar
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
Genre-genre
9-12 ) أدناه، وهو رسم إغريقي على الخزف، نجد إله الخصب يخرج من الأرض عبر تلة مرتفعة، ترفرف إلى جانبه ربة الانتصار المجنحة «فيكتوريا» رمز انتصاره على الموت، ومن جانب التلة تنمو أول نبتة مورقة. وفي رسوم أخرى، نجد رأس الأم والابن معا يطلان من باطن الأرض ويصعدان جنبا إلى جنب.
شكل 9-12: بعث الإله الابن - رسم إغريقي على الخزف.
هذا الدور المتكامل للأم والابن، قد عبرت عنه الأسطورة بأكثر من شكل وطريقة. فالأم ديمتر في الأسطورة الإغريقية، هي التي اكتشفت زراعة القمح ولكن ربيبها الشاب تريبتليموس، هو الذي قام بنشره في شتى أنحاء العالم بتوجيهها ومساعدتها ؛ فقد عمدت ديمتر إلى تجهيز عربة تجرها التنانين المجنحة، وأسلمت تريبتليموس أول حزم القمح، ولقنته كيفية زراعتها وحصادها وصنع الخبز منها، ثم طلبت منه أن يطير في الاتجاهات الأربعة لنشر فنون الزراعة وتحضير البشر.
18
ومثل تريبتليموس في نشر خيرات الأم الكبرى في جميع أنحاء العالم، إله الخصب المصري أوزوريس. فهذا الإله هو الذي نقل المصريين، كما تقول الأسطورة، من مستوى الوحوش البرية إلى مستوى البشر، وذلك عن طريق تعليمهم زراعة القمح وأكل الخبز. بعد أن بنى أوزوريس المدن في مصر وسن الشرائع والقوانين ووضع أسس العبادات المنظمة، تركها في مهمة مشابهة لمهمة رسول ديمتر، لكي ينشر الحضارة في كل مكان على الأرض.
19
إن مثل هذه الأساطير لتحفظ لنا بشكل صاف ذكرى القفزة الحضارية الكبرى التي حققها الإنسان باكتشافه القمح وأكله الخبز، فلقد كان الرغيف برزخ العبور من مرحلة الهمجية إلى مرحة الحضارة. وفي ملحمة جلجامش، كان أول عمل قامت به المرأة التي قادت بيد إنكيدو من حياة البرية إلى حياة المدنية، أن جعلته يتذوق الخبز الذي غدا بعد أكله بشرا سويا: «وضعوا أمامه خبزا فارتبك. فإنكيدو لا يعرف شيئا عن أكل الخبز وشرب الشراب القوي، ففتحت المحظية فمها قائلة لإنكيدو: كل الخبز يا إنكيدو، عماد الحياة هو. وخذ الشراب القوي فهو عادة أهل البلاد ...»
20
لذلك كان الإله الابن في أسطورته النيوليتية إلها للقمح بشكل خاص، بل كان القمح جسده، وكان هو للقمح روحه. فقبل أن ترتفع الآلهة إلى السماء لتتحكم في مظاهر الطبيعة عن بعد، كانت جزءا لا يتجزأ من مظاهر الطبيعة، وكل ما في الطبيعة كان إلهيا مقدسا، ودنيويا ماديا، في آن معا.
إن أول صرخة تضرع أطلقها الإنسان للقوى الإلهية لم تكن صرخة عابد يطلب خلاص الروح، بل صرخة جائع يطلب حفظ الحياة في الجسد. وكان حقل القمح الأول هو المسرح البدائي الطبيعي، الذي جرت عليه أسطورة الإله الميت الحي، الحي الميت، الذي دخل في إسار الدورة الزراعية السنوية مقدما للبشر خلاصا من الجوع.
Halaman tidak diketahui