ويقولون: أصبح الصباح وأمسى المساء، ولا معنى لهذا التركيب؛ لأن معنى أصبح دخل في الصباح، ومثله أمسى؛ أي: دخل في المساء. ولا معنى لدخول الصباح في الصباح أو المساء في المساء، وإنما يقال ذلك بالنسبة إلى الإنسان مثلا، تقول: سهر حتى أصبح، ودخل الدار حين أمسى، ونحو ذلك.
ويقولون: بعث برسول إلى فلان وبعث إليه هدية، وكلاهما خلاف الصواب؛ لأن ما ينبعث بنفسه كالرسول، تقول: بعثته وما ينبعث بغيره كالهدية والكتاب، تقول: بعثت به؛ فتعدي الفعل إلى الأول بنفسه وإلى الثاني بالباء.
ويقولون: هو في رفاه من العيش، ولم ينقل عنهم لفظ الرفاه، وإنما يقال: رفاهة ورفاهية بتخفيف الياء.
ويقولون: استحس بالأمر؛ أي: شعر به أو استشعره، ولم يرد استحس في شيء من كلامهم، ولكن يقال: أحس الأمر وأحس به، وقد يقال: حس بصيغة المجرد، والأولى أفصح.
ومثله قولهم: ذهب يستفحص عن كذا؛ أي: يفحص عنه، وهذا أيضا غير منقول.
ويقولون: رضخ له؛ أي: أذعن وانقاد، ولم يرد رضخ في شيء من هذا المعنى، وإنما الرضخ كسر الشيء اليابس، يقال: رضخ الجوزة ورضخ رأس الحية، ويقال: رضخ له من ماله : إذا أعطاه عطاء يسيرا.
ويقولون: رجل جلود؛ أي: صاحب جلد، يأتون به على وزن فعول، وكذا رجل شفوق ورحوم ونصوح، وكل ذلك خطأ، والصواب جليد وشفيق ورحيم ونصيح.
ويقولون: أسداه الشكر على صنيعته - كذا بتعدية الفعل إلى اثنين - أي: قضاه حق شكرها، ولا يستعمل الإسداء بهذا المعنى، وإنما يقال: أسدى إليه معروفا؛ أي: صنعه، وقد يقال: أسدى إليه فقط، وفي الحديث: «من أسدى إليكم معروفا فكافئوه.»
ويقولون: جلسوا في صاعة المنزل؛ يعنون أكبر بيت فيه أو الموضع الذي يستقبل فيه الزائر، ولم ترد الصاعة لشيء من المعنيين، لكن جاء في المعنى الأول الردهة، وهي كما عرفها في لسان العرب: البيت العظيم الذي لا يكون أعظم منه، ويستعمل في المعنى الثاني البهو، وهو البيت المقدم أمام البيوت، وأصله البيت من شعر من بيوت الأعراب، ثم نقلته الحضر إلى البناء، ودخل في قصور الملوك وزين بالرياش والذهب. وقد ورد ذكره في نفح الطيب في الكلام على المستنصر بالله وهو في قصر مدينة الزهراء؛ قال: وقعد المستنصر بالله على سرير الملك في البهو الأوسط من الأبهاء المذهبة. وجاء في شعر لأبي بكر الخوارزمي من قصيدة يصف فيها دار الصاحب بن عباد:
وبهو تباهي الأرض منه سماءها
Halaman tidak diketahui