Inti Sejarah Umum
لب التاريخ العام فيما صدر من غابر الأعوام
Genre-genre
كانت بلاد آسيا ومصر خاضعة للفرس الذين كانوا سادوا أغلب الأمم، وأخذوا البلاد، وامتدت سلطتهم من بلاد الهند إلى ديار مصر في ثلاثين سنة، فكانوا قادوا جزءا عظيما من آسيا، واستولوا على مصر، وكان الملك الذي يحكم الفرس هو أعظم ملك في زمانه، وأقوى شوكة، وأرفع قدرا وشأنا، وأعظم سلطانا من غيره؛ ولذا كانوا يسمونه الملك الأكبر. ولما أراد أحد ملوك العجم المسمى «دارا» أن تذعن لسلطانه وقدرته بلاد اليونان، وبعث لأهليها رسلا ليدعوهم إلى الطاعة، فمنهم من نزل الرعب في قلوبهم وامتثلوا لأوامره، ومنهم من فجر وعصى وتكبر وأبى الإذعان، وهم أهل «أسبرطة وأثينا». فلما بلغ هذا الفعل «دارا» اشتد غيظه، وأرسل عمارة بحرية بالقرب من أثينا في «مرتبان»؛ لإبادة أهليها، فعشرة آلاف جندي من الأثينيين نصبوا خيامهم تلقاء مراكب الفرس، وانقضوا عليهم انقضاض النسور، وقلبوا سفنهم في البحر وأغرقوا من كان فيها، وذلك كان قبل المسيح بأربعمائة وتسعين سنة.
وبعد مضي عشر سنين انتشبت نار الحرب ثانيا؛ إذ إن «اكزرسيس» الملك الذي خلف «دارا» أتى بنفسه مع جيش عرمرم، مركب من مليون جندي أشداء، وعمارة بحرية مؤلفة من خمسمائة سفينة حربية، فلما شاهد أهل أثينا وأسبرطة ذلك، ضموا قلوبهم معا، وشدوا أزر بعضهم، واتحدوا بقالبهم وقلبهم، وذهبوا إلى القتال، فأبادوا عمارة الفرس البحرية في «سلامين» في سنة أربعمائة وثمانين قبل المسيح، وأهلكوا الجيش البري عن آخره في «بلاتيه» في سنة أربعمائة وتسعة وسبعين قبل الميلاد.
عصر بركليس: بعد أن انتصر أهل أسبرطة وأثينا على الفرس، وسقوهم كأس الغلب، وهزموهم شر هزيمة، رجع أهل أسبرطة إلى ديارهم، مطمئني الفكر ثابتي الجأش، واستمر أهل أثينا على القتال بأن ساروا راكبين سفنهم لطرد جنود الفرس من جميع مدن اليونان وجزائرها وجميع مستعمراتها، ونجحوا في مساعيهم، وضربوا الضرائب على اليونانيين الأخر الذين كانوا أذعنوا للفرس وقتما بعثوا لهم الرسل، وبنوا بدراهم الضرائب معبدا فاخرا لآلهتهم، وشيدوا أبنية أخرى كثيرا عددها.
وأول من أوجد التياترات بأنواعها ك «الكوميديا»؛ أي التشخيص المضحك، «والتراجيديا»؛ أي التشخيص المحزن المبكي، هم اليونانيون. وكانت المهندسون والنقاشون والمصورون والفلاسفة والشعراء تجتمع بأثينا.
وكانت الأثينيون في ذلك الوقت تبجل وتعظم بركليس ابن وطنهم، وتصغي لكلمته، وتمتثل لكل ما يشير به؛ إذ إنه كان رجلا جليل القدر، عظيم الشأن، مدبرا عاملا، وفي عصره قد تفننت الفنون، وتقدمت الصنائع والعلوم، وطارت شهرة أثينا إلى السبع الطباق وانتشرت في جميع الآفاق، ولهذا السبب سمي العصر الذي كان فيه باسمه فيقال عصر بركليس.
الكلام على مقدونيا: إن أثينا لم تقم زمنا طويلا، وهي قوية الشوكة علية المقدار والشأن، إذ إن أسبرطة في سنة أربعمائة وإحدى وثلاثين قبل المسيح أعلنتها بالحرب، فقامت بينهما على قدم وساق، واشتعلت نارها في جميع الأنحاء، وطارت شرارتها إلى (آسيا وسيسيليا). وفي هذه الحرب دارت الدائرات على أثينا، ولحقها النكال، وانكسرت شوكتها، وهزمت شر هزيمة، وذلك كان في سنة أربع وأربعمائة قبل الميلاد. ولكن بعدما انتصرت أسبرطة أبت اليونانيون الأخر أن يذعنوا لسلطانها، فأضرمت الحرب ثانيا، وأذكى ضرامها وفدح أمرها، فكانوا يقطعون الأشجار، ويقتلون الرجال، ويسبون النساء، ويذبحون الأولاد. وفي هذا الزمن في كل مدينة كانت الأغنياء والفقراء يقاتلون بعضهم بعضا، ويوم ذاك كان يوجد في شمال اليونان بمقدونيا أمة صغيرة كانت خامدة الذكر ومعدومة الشهرة، ولكنها كانت أمة منتظمة قوية؛ إذ إن «فيليبش» ملكها نظم جيشا جرارا واستمال باقي اليونان إلى أن يصيروا حلفاء لقمع ملك الفرس، فأبى الأثينيون ذلك، وحصل قتال عظيم، وكان الفوز لفيليبش في «قيرونيه» في سنة ثمان وثلاثين وثلثمائة قبل الميلاد.
فتوحات إسكندر: جلس إسكندر ولد فيليبش على أريكة الملك في سنة ثلاثمائة وست وثلاثين قبل الميلاد، وبعد أن مكث سنتين على عرش ملكه ظعن بخمسة وعشرين ألف مقاتل لفتوح بلاد الفرس، فقابله ملكهم بجيش عرمرم أكبر من جيش إسكندر بعشرين مرة، لكن جنوده كانوا ضعفاء متسلحين بأسلحة عاطلة، وأغلبهم كان مجبورا على القتال، يطاعن بعزيمة فاترة، وهمة خامدة، مع كونه ليس متدربا على النزال، وأما جنود إسكندر فكانوا متسلحين بأسلحة باترة، وسيوف صارمة، ينزلون في ميدان الهيجاء وهم له راغبون؛ ولذلك ظفروا بالفرس ثلاث مرات، وقهروا جميع البلاد التي كانت خاضعة لملك الفرس. وقد شيد إسكندر عدة مدن لم تزل واقفة على قدم الوجود، وأشهرها إسكندرية التي بمصر. ثم ذهب إسكندر إلى بلاد الهند ووضع يده عليها، وعاد إلى ديار بابل، وقضى نحبه فيها بالحمى في سنة ثلاثمائة وثلاث وعشرين قبل الميلاد، وهو لم يبلغ من العمر إلا ثلاثا وثلاثين عاما.
تقسيم مملكة إسكندر: لما لم يترك إسكندر خلفا له يخلفه في ملكه، تنازع الملك قواد جيشه ، فكان كل واحد منهم يريد أن يكون ملكا، فحصل من ذلك شقاق أفضى بهم إلى القتال، وسفك الدماء، فمات منهم كثير، ومن بقي تقاسم الملك، واستولى كل واحد على نصيبه، وأصبح ملكا بعد ما كان قائدا. فكان يوجد يومئذ ثلاث ممالك عظام، وهي: مملكة مقدونيا، وسوريا، ومصر، وممالك أخرى صغيرة، ليست كهاتيك الممالك، وقد أقامت هاته الدول نحو قرنين تقريبا.
ممالك اليونان: إن رعايا هذه الممالك كانت آسيين، ولكن ملكهم كان يوناني الأصل، فكانت جنوده ومتوظفوه من جنسه، وكان يأتي بالعلماء والكتاب وأرباب الصنائع والفنون إلى دار خلافته من بلاد اليونان في هاته الممالك؛ فتعودوا بعوائد أهل اليونان على التدريج، وتخلقوا بأخلاقهم، وتطبعوا بطبائعهم، وانبثت في أرواحهم اعتقاداتهم، وتدينوا بدياناتهم، وآل أمرهم إلى أن أصبحوا لا يتكلمون إلا بلغة اليونان.
إسكندرية ومدرسة علومها وفنونها: كان بعض ملوك ممالك اليونان يصبو إلى العلوم، فأقيال مصر كونوا بإسكندرية في تخت ملكهم مكتبة عظيمة، ويومئذ كانت الأوراق والمطابع في عالم الخفاء، فكانوا يسطرون الكتب جميعها بأيديهم على «البردي» ثم يطوونه، وكان عزيزا إذ ذاك وجود الكتب، ولقلتها كانت غالية الثمن؛ ولشدة حرصهم على التآليف، وخوفهم عليها من أن تغتالها يد الضياع، إذ إنه ما كان يوجد من مؤلف إلا بعض نسخ قليلة؛ اعتنوا بجمع نحو ثلاثمائة ألف نسخة، ووضعوها في هاتيك المكتبة، ونظموا بستانا لدراسة علم النباتات، ومعملا للعلوم الطبيعية، وكانوا يطلقون على هذه المحلات اسم: مدرسة العلوم والفنون، وكانت الناس تهرع إليها من كل فج؛ ليتعلموا فيها، وما جادت الدنيا بمثلها ولا رأت العين غيرها في عالم الوجود.
Halaman tidak diketahui