وقيل: مأخوذ من السبط، وهو ضرب من الشجر، فجعل الأب الذي تجمعهم كالشجر الذي يتفرع عنه الأغصان الكثيرة؛ ولذلك ينقش شكل الشجر في الأنساب.
وجماعة الناس إذا كانوا أبناء أب واحد فهم قبيلة. فإذا كانوا من أب واحد وأم واحدة، فهم بنو الأعيان. فإذا كانوا من أب واحد وأمهات شتى، فهم بنو العلات. فإذا كانوا من أم واحدة وآباء شتى، فهم بنو الأحناف. فالقبيلة تعم أبناء الأعيان وأبناء العلات، ولا تعم أبناء الأحناف. قال الكلبي: الجماعة من الناس أولًا الشعب بفتح الشين، ثم القبيلة، ثم الفصيلة، ثم العشيرة، ثم الذرية، ثم العترة، ثم الأسرة.
الفصيلة: الجماعة المنقطعة عن جملة القبيلة. والعترة: الولد ووالد الولد الذكور والإناث. والعشيرة: الأدنون، قال الله تعالى " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا ".
قال المفسرون: في قوله تعالى " وجعلناكم شعوبًا وقبائل " شعوب: رؤوس القبائل وجمهورها، مثل ربيعة ومضر والأوس والخزرج، واحدها شعب بفتح الشين، سموا بذلك لتشعب اجتماعهم، كتشعب أغصان الشجر، والتشعب من الأضداد، يقال: شعبته إذا جمعته، وشعبته إذا فرقته، ومنه قيل للموت: شعوب.
وقبائل وهي دون الشعوب واحدتها قبيلة، وهي كبكر بن ربيعة وملم بن مضر. ودون القبائل العمائر، واحدتها عمارة بفتح العين، وهم كشيان من بكر، ودارم من تميم.
ودون العمائر البطون، واحدها بطن، وهم كبني غالب ولؤي من قريش. ودون البطون الأفخاذ واحدها فخذ، وهم كبني هاشم من لؤي. ثم الفضائل والعشائرن واحدتهما فصيلة وعشيرة.
وقيل: الشعوب من العجم، والقبائل من العرب، والأسباط من بني إسرائيل.
وقال بعض العلماء: الشعوب هم الذين لا ينسبون إلى إنسان، بل إلى مدينة أو قرية. والقبائل العرب الذين ينسبون إلى آبائهم. هذا الذي ذكره الثعلبي وغيره في التفاسير. وقال بعض العلماء: أول قسم من أقسام علوم النسب الجدم، يعني جدم النسب. قال الشاعر:
جد منا قيس ونجد دارنا ... ولنا الأب بها والمكرع
ثم الثاني جمهرة الأنساب، أي: مجموعها، ثم الثالث الشعوب، ثم الرابع القبيلة، ثم الخامس العمارة، ثم السادس البطن، ثم السابع الفخذ، وهو أصغر من البطن، ثم الثامن العشيرة، ثم التاسع الفصيلة، ثم العاشر الرهط والأسرة.
وقال قوم: هذه مراتب بعضها عالية، وبعضها متوسطة، وبعضها سافلة. مثال ذلك عدنان جدم، وقبائل معه جمهور، ونزار شعب، ومضر قبيلة، وحدف عمارة، وحدف أيضًا الياس بن مضر، وكنانة بطن، وقريش فخذ، وقصي عشيرة، وعبد مناف فصيلة، وبنو هاشم رهط.
وذكر أبو حاتم الرازي في كتاب الزينة: إن شعوب اليمن والقبائل ربيعة ومضر، فبنو قحطان شعوب، وبنو عدنان قبائل.
وروى هشام عن أبيه أنه قال: وضعت الشعوب والقبائل والعمائر والبطن والأفخاذ والفصيلة والعشيرة على مقادير خلق الإنسان.
فالإنسان هو الشعب؛ لأن الجسد ينشعب منه، ثم القبيلة وهي رأسه من قبائل الرأس وهي الاطباق، ثم العمائر الصدور وفيه القبائل، ثم البطون من البطن، ثم الأفخاذ والفخذ أسفل من البطن، ثم الفصائل وهي الركبة؛ لأنها انفصلت عن الفخذ، ثم العشيرة كالساق والقدم؛ لأن الساق والقدم حملتا ما فوقهما لحسن المعاشرة، ولم يثقل عليهما حمل ما فوقهما.
وإنما قيل لهم شعوب حين تفرقوا من ولد إسماعيل فتشعبوا، ثم القبائل حين تقابلوا ونظر بعضهم إلى بعض في محلة واحدة كقبائل الرأس، وأنشد:
قبائل من شعوب ليس فيهم ... كريم قد يعد ولا نجيب
وقال آخر:
قبيلة من قبائل ضل شعبهم ... لا خير فيهم سوى كثير من العدد
ثم العمائر حين عمروا الأرض وسكنوها، قال الشاعر:
عامر من دون القبيل أبوهم ... مكارم مضيافون من آل هاشم
ثم البطون حين استبطنوا الأودية ونزلوا وبنوا البيوت، قال الأوادي:
بطون صدق من درى العمائر
وقال الطائي:
استبطنوا البطن إذا ساروا وقد علموا ... ألا رجوع لهم ما جنت الميب
الأفخاذ الفخذ أصغر من البطن. ثم الفصائل حين انفصلوا عن الأفخاذ، قال الله تعالى " فصيلته التي تؤويه " وقال الشاعر:
وفصيلة بانوا من الأفخاذ
ثم العشائر حين انضم كل بني أب إلى الأب فحسن معاشرتهم، قال الشاعر:
1 / 7