سأذهب إلى سنتياجو
حرارة بيضاء، وفاكهة ميتة
سأذهب إلى سنتياجو
آه يا كوب، آه يا منحدر النهدة والطين!
سأذهب إلى سنتياجو
ثم شارفت إقامته في كوبا على نهايتها، واستقل في أواخر صيف 1930م الباخرة الإسبانية ماركيز دي كومياس، عائدا إلى إسبانيا، بعد أن توقفت في الطريق في ميناء نيويورك حيث كان وداع الشاعر لأصدقائه هناك.
وهكذا فارق شاعرنا الأرض الأمريكية، أرض العالم الجديد، التي مثلت له تجربة كثيفة في روحه وفي فنه، ولكن المهم أيضا هو أنها قد أزالت عنه ذلك «الخدر العاطفي»، ذلك الحزن والكآبة العميقين اللذين هاجماه طوال صيف وشتاء 1928م، وقد عاد فديريكو من رحلته سعيدا بها وأكثر ثقة في نفسه وفي عمله، مليئا بزخم جديد دفاق للعمل والحياة.
لاباراكا وفترة النضج المسرحي
وكعادة لوركا كل صيف، قضى الصيف التالي لرحلته الأمريكية في بلدته غرناطة، يجتر تجاربه، ويقضي أيامه ولياليه بين أهله وأصدقائه من الفنانين والشعراء، ثم عاد مع بداية الشتاء في أواخر 1930م إلى مدريد لحضور عرض مسرحيته الجديدة «الإسكافية العجيبة» على مسرح «إسبانيول»، تؤديها فرقة «كاراكول»، وتمثل فيها الممثلة المشهورة «مرجريتا شيرجو» دور البطولة.
وهذه المسرحية - التي ترجمها الدكتور عبد الرحمن بدوي إلى العربية ونشرت عام 1964م - تمثل حلقة في سلسلة مسرحياته الشعبية الفولكلورية، وقد تصورها مؤلفها بوصفها «باليه» لا ينقصه إلا الموسيقى، وقصتها تحكي عن صبية جميلة في الثامنة عشرة تتزوج إسكافيا هرما عمره ثلاثة وخمسون عاما، في إحدى القرى الأندلسية، وتمتلئ حياة الزوجين بالشجار والنقار، ولم ينجبا أطفالا، ويضحك منهما أهل القرية وينشدون الأغاني في التهكم عليهما، وكانت الإسكافية تقضي نهارها تحلم بأراض قصية وحياة مختلفة عن التي تحياها، وتهمل شئون بيتها، ويفيض الكيل بالزوج الهرم فيهرب من المنزل، ومع غياب الزوج تتغير صورته في عيني زوجته الحسناء، فيبدو لها أنه كان أفضل زوج في الدنيا، وتطرد عنها الشبان الذين يخطبون ودها، مفضلة أن تنتظر زوجها التي أصبحت تحب صورته وذكراه، ويعود الزوج متخفيا إلى القرية، ويعلم مدى ثبات زوجته على حبه، فيكشف شخصيته آملا أن يعيش في هناء بعد ذلك مع الزوجة، بيد أنها وقد عاد الزوج، تعود إلى حياة الشجار والنقار مع الإسكافي.
Halaman tidak diketahui