ويقول محمد حسن في غضب: وأنت ما شانك بالمجلات التي نشرت فيها؟ ... ما الذي يوصلك أنت لقراء المجلات الأدبية الراقية؟
ويدخل سليم فوزي في الموضوع ويتحدث في تؤدة وثقة بالنفس: أتعرف يا محمد ما هي مشكلتك؟ ... إنها اسمك ... محمد حسن. كم مليونا لهم هذا الاسم؟ ... اسم عادي جدا لا يجذب الأنظار.
ويقول شعبان ضاحكا: فعلا ... لماذا لا تستعير اسم إلهام؟ ... إن اسمه أقرب إلى الشاعرية.
ويقول محمد: لم يبق إلا السمسار ليتحدث في الشعر أيضا.
ويقول سليم في وقاره لا يزال: يا أخي أنا أتحدث عن اسمك لا عن شعرك.
ويدور النقاش ويدور عباس يتبع الكأس بأخرى وبثالثة. وينصرف عن الحديث الصاخب، وقد صعدت حميا الخمر إلى رأسه. يتحدثون، يتحدثون ويقضون أيامهم ولياليهم يتحدثون، لا يبحثون في الحرية ولا في المجتمع ولا في التقاليد ولا في إيفون, سأتزوجها، سأتزوجها، فما لي لا أفعل مثلهم؟ أأرضى أن أكون مثلهم؟ ما هذه الخمر؟ ما لي وكأنما يقف بيني وبين تفكيري ستار لا أدري كنهه، مزيج من الشفافية والعتمة وألوان من الهروب لا أريدها، وأريدها. لقد استطاعوا بحديثهم أن يصرفوني عما أنا فيه، ولكن ها أنا ذا أعود إلى نفسي وحيدا وأنا بينهم. أهي الخمر، أم أنا الذي ضربت دون الناس ودوني حجابا صفيقا؟ لا، ليست الخمر هي ما أريد، لقد كنت أريد صديقا فحين وجدته عزلتني عنه الخمر وأفكاري. حلقة مفرغة، دوامة لا أدري لها بداية من نهاية.
ودون أن يكلم أحدا من الجالسين قام صامتا وأخذ سمته إلى بيته، ضاربا في المساء المظلم لا يحفل بالمصابيح على جوانب الطريق.
الفصل الخامس عشر
كان الشيخ سلطان جالسا إلى رضوان أفندي في المقهى، وكان صندوق النرد بينهما مقفلا لا يحس واحد منهما الرغبة في فتحه، وقد خيم عليهما صمت لم يتنبها إليه حتى قال رضوان أفندي في محاولة تبسط: ألا تلعب عشرة؟!
ونظر إليه الشيخ سلطان وظل رانيا إلى وجهه لحظات، ثم قال في غير إقبال: نلعب.
Halaman tidak diketahui