175

Linguistic Beauty in Texts from Revelation - Book

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - كتاب

Penerbit

دار عمار للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الثالثة

Tahun Penerbitan

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٣ م

Lokasi Penerbit

عمان - الأردن

Genre-genre

والجواب: أنَّ من الشغل ما هو محمودٌ فقد يكون شغلًا في حق كما جاء في الحديث: "إن في الصلاة لشغلًا" وكما قال تعالى: ﴿إِنَّ أَصْحَابَ الجنة اليوم فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ﴾ [يس: ٥٥] . أما الإلهاء فمما لا خيرَ فيه وهو مذمومٌ على وجه العموم، فاختار ما هو أحق بالنهي. ٢- لقد أسند الإلهاء إلى الأموال والأولاد فقال: ﴿لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ﴾ . فقد نهى الأموال عن إلهاء المؤمن، والمراد في الحقيقة نهي المؤمن عن الالتهاء بما ذكر. والمعنى: لا تلتهوا بالمال والأولاد عن ذكر الله. وهذا من باب النهي لشيءٍ والمرادُ غيره، وهو كقوله تعالى: ﴿فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الحياة الدنيا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بالله الغرور﴾ [لقمان: ٣٣]، فقد نهى الحياة الدنيا عن غرّ المؤمن والمراد نهي المؤمن عن الاغترار بالدنيا. إن المَنْهي في اللغة: هو الفاعل نحو قولك: (لا يضربْ محمودٌ خالدًا) فـ (محمود) هو المنهي عن أن يضرب خالدًا، ونحو قولك: (لا يسافرْ إبراهيمُ اليوم) فإبراهيم منهي عن السفر. ونحو قوله تعالى: ﴿ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عسى أَن يَكُونُواْ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عسى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ﴾ [الحجرات: ١١] . فالقوم هم المنهيون وكذلك النساء. وكما تقول: (لا تضربْ خالدًا) و(لا تضربي هندًا) فالفاعل هو المنهي وليس المفعول به. والفاعل في الآية هو الأموال والأولاد. أما المخاطبون فمفعول به. فالمنهي إذن هي الأموال والأولاد، وهي منهية عن إلهاء المؤمن. وقد تقول: ولِمَ لم يعبر بالتعبير الطبيعي فيقول: لا تلتهوا بالأموال والأولاد، على أصل المعنى؟ والجواب: أن في هذا العدول عدة فوائد:

1 / 179