Light and Darkness in the Light of the Book and the Sunnah
النور والظلمات في ضوء الكتاب والسنة
Penerbit
مطبعة سفير
Lokasi Penerbit
الرياض
Genre-genre
الدنيا: في حقن الدماء والأموال، والأمن على الذرِّية، كمثل استضاءة الموقد للنار بالنار، حتى إذا انتفع بضيائها، وأبصر ما حوله خمدت النار، فذهب نوره، وعاد في ظلمة وحيرة، فالله ﷿ يُطفئ نورهم يوم القيامة، فيستنظروا المؤمنين؛ ليقتبسوا من نورهم، فيقال لهم: «ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا» (١)، فقد حصل لهم في الآخرة ظلمة القبر، وظلمة الكفر، وظلمة النفاق، وظلمة المعاصي على اختلاف أنواعها (٢).
واختار الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى أن هؤلاء آمنوا ثم كفروا فقال: «وتقدير هذا المثل أن الله سبحانه شبَّههم في اشترائهم الضلالة بالهدى، وصيرورتهم بعد البصيرة إلى العمى بمن استوقد نارًا، فلما أضاءت
ما حوله، وانتفع بها، وأبصر بها ما عن يمينه وشماله، واستأنس بها، فبينما هو كذلك إذ طفئت ناره، وصار في ظلام شديد، لا يُبصر ولا يهتدي، وهو مع هذا أصمُّ لا يسمع، أبكمُ لا ينطق، أعمى لو كان ضياءً لما أبصر؛ فلهذا لا يرجع إلى ما كان عليه قبل ذلك، فكذلك هؤلاء المنافقون في استبدالهم الضلالة عوضًا عن الهدى، واستحبابهم الغيّ على الرشد، وفي هذا المثل دلالة على أنهم آمنوا ثم كفروا» (٣)، وقال ﵀: «وزعم ابن جرير أن المضروب لهم المثل هاهنا لم يؤمنوا في وقت من الأوقات، واحتج بقوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِالله وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا
_________
(١) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن،١/ ٣٢٦،والجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، ١/ ٢٣٠.
(٢) انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص٢٧.
(٣) تفسير القرآن العظيم، ١/ ٥١.
1 / 6