Let's Call to Islam
هكذا فلندع إلى الإسلام
Genre-genre
هكذا فَلنَدع إلى الإسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدًا يوافي نعمه ويكافيء مزيده. ياربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك.
سبحانك اللهم لا نحصي ثناءًا عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه. صلاةً وسلامًا دائمين إلى يوم الدين.
وأسأل الله تعالى أن يلهمني الرشد، وأن يعيذني من شروري وسيآت أعمالي، وأن يكرمني بنعمة الإخلاص لوجهه في كل شؤوني إنه أكرم مسؤول.
يتبوّأ هذا البحث مكانه من الاهمية، بين بحوث هذه السلسلة، لعوامل مختلفة، من أهمها العوامل التالية:
العامل الأول: انحسار معظم الشبهات الفكرية والعلمية المختلفة التي كانت تغشي إلى وقت قريب، على عقول كثير من الناشئة والمثقفين في طريق إقبالهم على الإسلام؛ إذ كان يدفع بها إليهم أناس احترفوا الغزو الفكري، ضد كل ما يتضمنه الإسلام من عقائد وأحكام!.. وانك لتذكر كم سخر هؤلاء الناس دروسًا لهم في المدارس، على اختلاف مضموناتها، للتلبيس على حقائق الإسلام والتشكيك في يقينياته، يسخرون لذلك عناوين العلوم آنًا، والتاريخ آنًا، والاكتشافات والنظريات الحديثة آخر!..
فلقد أنحسر اليوم سلطان هذه التشويش الخادع.
وأفلت زمام العلم من أيدي المتلاعبين بألفاظه، وعاد العلم الحقيقي برهانًا يملأ عقول الباحثين يقينًا بصدق كل ما يتضمنه الإسلام من حقائق الإيمان وأنظمة الحياة والسلوك.
فكان من آثار هذا الانحسار للشبهات وخيبة الساعين بها إلى عقول الناشئة، أن أقبل هؤلاء الشباب من كل حدب وصوب إلى تفهم الإسلام ابتغاء تطبيقه والانصباغ به. ولا بدّ في هذه الحالة من وجود عدد كبير من الداعين إلى الإسلام، قد أتقنوه علمًا، واستقاموا عليه سلوكًا، وأخلصوا لله تعالى في تمسكهم به؛ ليبصروا هذه الناشئة بحقيقة الإسلام، ويرسخوا مبادئه في نفوسهم، ويرشدوهم إلى السبيل الأمثل للاهتداء به فكرًا وخلقًا، وسلوكًا.
العامل الثاني: أن هذه الشبهات وان تكن قد ابتعدت عن الطريق إلى فهم الإسلام، وحقيقته، وواقع سموه على كل خرافة أو ضلالة شاردة عن موازين المنطق والعلم، فإن المتربصين به من أعدائه، في شرق العالم وغربه، يدأبون، بكل ما أوتوا من قوة، على الكيد له ولأهله أينما كانوا. وانك لتنظر، فلا ترى من جامعة تجمعهم أو جسر يصل ما بينهم، إلا ابتغوا تنسيق السبل الماكرة العجيبة إلى خنق إسلام المسلمين في صدورهم، أو إلى حصر فاعلياته ضمن أضيق المجالات وأقلها شأنًا في حياتهم.
فاقتضت هذه الظاهرة، أن يتضاعف أعداد القائمين بواجب الدعوة إلى هذا الدين الحنيف، بل إن هذه الظاهرة اقتضت ان يتحول كل مسلم، صدق مع الله في إسلامه، إلى جندي يقوم بواجب الدعوة إلى الإسلام جهد استطاعته، وفي نطاق إمكاناته.
لقد كانت مهمة الدعوة إلى الإسلام من الفروض الكفائية، كما قال العلماء، يوم كانت المجتمعات الاسلامية، تسير قدمًا في طريق الإسلام، بدفع من اتجاهها التي وضعت نفسها فيه، دون أن يكون على الطريق أو عن يمنه أو يساره، من يتربص بها الدوائر، ويختلق لها العقبات، ويصدها عن الوصول إلى الغاية بنيران الشهوات والاهواء.
أما اليوم، وقد جند كل امكانات الدنيا، من مال وطاقة ونساء وفكر، في سبيل الصدد عن صراط الله والوصول إلى مرضاته، فقد أصبحت مهمة الدعوة الإسلامية فرضًا من الفروض العينية، يخاطب به كل مسلم صادق مع الله في إسلامه، ولم تعد مقتصرة على ثلة من الناس، مهما بلغ شأنهم ومهما كانت أهميتهم.
إننا في عصر تلتهم فيه النيران بنيان الإسلام، على الرغم من أن دعائم أحقيته لم تتجل للأبصار والبصائر كما تجلت في هذا العصر، لا لأقوام من الناس بأعيانهم، بل لأهل الأرض جميعًا، وفرق الإطفاء قليلة عاجزة عن الوقوف وحدها في وجه هذه النيران، إذن لا بد من ان يهب الكل، على اختلاف قواهم وإمكاناتهم، لصد هذه النيران عن بنيان الحقائق الإسلامية، وإنصراحه القائم على دعائم الحق والعزة والعدل كل يجاهد في سبيل ذلك حسب استطاعته.
العامل الثالث: ان الدعوة الإسلامية، وقد ارتفعت أهميتها وزادت ضرورتها وخطورتها إلى ما قد رأيت، ليس شأنها كشأن الدعوة إلى أي مبدأ أو مذهب آخر!.. إنها تحتاج إلى كثير من العلم ودقته، وإلى كثير من الحذر ويقظته، وإلى كثير من رقابة النفس ألا تتسلل بشيء من حظوظها إلى طريق الدعوة وسياستها.
فما أكثر ما يتنكب الداعي إلى الإسلام، عن المنهج السوي الذي يجب عليه أن يلتزمه ولا يحيد عنه؛ بسبب جهل وقع فيه، أو بسبب حظ من حظوظ النفس هيمن عليه، وإذا هو يأتي من حصاد عمله ودعوته بعكس ما كان متوقعًا، وربما امتد لعمله ذاك أثر مستمر لا يكاد ينقطع!..
1 / 1