Lessons of Sheikh Osama Suleiman
دروس الشيخ أسامة سليمان
Genre-genre
من صور الجاهلية: الربا
ثم يقول النبي ﵊ أيضًا في خطبة عرفة: (ألا إن كل ربًا من ربا الجاهلية موضوع تحت قدمي).
وانظروا إلى تعاملات المسلمين في مجتمعاتهم، فالربا ينقسم إلى قسمين: ربا نسيئة، وربا الفضل، ثم ما هو ربا النسيئة؟ باختصار شديد لنسقطه على واقعنا المعاصر لنرى هل نحن نعيش في ربا الجاهلية أم في معاملة اقتصاديه سليمة في أكثر التعاملات؟ إن ربا النسيئة كان هو الظاهر والمسيطر على الحياة في الجاهلية، كأن يقترض رجل ألف جنيه وموعد السداد أول محرم، فجاء أول محرم ولم يسدد، فإذا تأخر يومًا زاد المال عن أصله، ويسمى ذلك بالفائدة، أليس هذه هو الربا بعينه الذي يسيطر على حياتنا الآن، إن تعثرت في سداد بنك من البنوك زاد عليك فوائد مركبة، بل قد رأيت رجلًا مدينًا لأحد البنوك بخمسين ألف دين عقاري وعجز عن السداد سنوات، فإذا بالفائدة تزيد عن المائة ألف، وأصل الدين كان خمسين ألفًا والفوائد مائة! فعجز عن سداد أصل الدين فقيدوه بالفوائد ورب العالمين يقول: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ [البقرة:٢٨٠].
وقانون الضرائب التجاري يقول: إن كان الممول مدينًا بألف جنيه، فكل شهر يتحمل فائدة ١%، يعني: أن مجموع الفوائد السنوية ستكون ١٢%، وأيضًا فربا النسيئة له معنى آخر، ألا وهو: أن تقرض أحدًا بشرط أن يرد لك أصل المال مع زيادة معينة، كأن تقرضه ألفًا ويرد لك ألفين، فهذا ربا واضح وبين، وكذلك بيع العينة أحد أشكال ربا الجاهلية، والعينة كأن يحتاج المرء إلى مبلغ من المال ولا يجد من يقرضه، فيقولون له فتوى: اذهب وخذ سلعة، أي: اشتريها من بائع ثم بعها له بسعر أقل نقدًا، فتكتب ورقة مثلًا بألف وخمسمائة، ثم يبيعها لنفس التاجر بألف فوري، فهذه صورة من صور ربا الجاهلية التي تسيطر على تعاملاتنا اليوم، فضلًا عن ربا الفضل الذي قال عنه النبي ﷺ: (الذهب بالذهب مثلًا بمثل والفضل ربا)، وتعاملات الذهب حدث ولا حرج، فالغالب فيها الربا، ولذا فلا يجوز أن تبيع ذهبًا بذهب إلا أن يكون متماثلًا، فتبيع القديم أولًا وتقبض الثمن منه أو من غيره، هذا هو التعامل في الإسلام، (والفضة بالفضة مثلًا بمثل والفضل ربا، والتمر بالتمر مثلًا بمثل والفضل ربا)، ففي الحديث: (لما جاء بلال بتمر جيد إلى النبي ﵊ قال له: من أين جئت بهذا التمر؟ قال: من خيبر يا رسول الله)، تمر جيد (قال: أوكل تمر خيبر هكذا؟ قال: لا، وإنما نستبدل هذا التمر بتمر رديء)، فمثلًا: صاع من تمر جيد بستة من تمر رديء، (فقال ﵊: هو عين الربا يا بلال)، أي: هذا عين الربا، فلا فرق بين رديء وجيد طالما أن الأصناف قد اتفقت، ثم قال ﷺ: (والبر بالبر مثلًا بمثل والفضل ربا)، إلى أن قال: (فإن اختلفت الأجناس فبيعوا كيف ما شئتم)، إذًا لا تزال آثار الجاهلية تتعلق بنا، وربما قد يكون المرء ملتزمًا وسمته الظاهري إسلامي، لكنه لا يزال به أثر من آثار الجاهلية، وهذه قضية كبيرة أننا نهتم بالظاهر ولا نخلع عباءة الجاهلية، فلا يزال منا من يفتخر بالأحساب والأنساب، ولا يزال منا من يتصف بسوء الخلق، ولذا لا بد أن يتخلص المسلم من آثار هذه الجاهلية الممقوتة.
7 / 4