Lessons of Sheikh Mohammed Al-Duwish
دروس الشيخ محمد الدويش
Genre-genre
أبو ذر قوال للحق ضعيف في الإمارة
أبو ذر ﵁ يقول عنه الذهبي: كان أحد السابقين الأولين من نجباء أصحاب محمد ﵌، وكان يفتي في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، وكان رأسًا في الزهد والصدق والعلم والعمل، قوّالًا بالحق لا تأخذه في الله لومة لائم على حدة فيه.
أبو ذر ﵁ إمام في الزهد وهذا لا يخفى، وكذلك كان مشهورًا بقول الحق، وقد أوصاه النبي ﷺ يقول: (أوصاني خليلي بسبع: أمرني بحب المساكين والدنو منهم، وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني، وأن لا أسأل أحدًا شيئًا، وأن أصل الرحم وإن أدبرت، وأن أقول الحق وإن كان مرًا، وأن لا أخاف في الله لومة لائم).
أبو ذر ﵁ له عبارة مشهورة رواها البخاري تعليقًا، والقصة بتمامها عند أبي نعيم في الحلية: أنه أتاه رجل وهو جالس عند الجمرة الوسطى وهو يفتي فقال: ألم ينهك أمير المؤمنين عن الفتيا؟ فرفع رأسه وقال: (أرقيب أنت عليّ؟ لو وضعتم الصمصامة على هذه -يعني السيف- وأشار إلى رقبته، فاستطعت أن أنفذ كلمة سمعتها من رسول الله ﷺ قبل أن تجهزوا عليّ لأنفذتها) وهذه العبارة مشهورة وقد أوردها البخاري في كتاب العلم تعليقًا.
إذًا فهو ﵁ كان إمامًا في الزهد، وكان قوّالًا بالحق لا تأخذه في الله لومة لائم، عنده استعداد أن أن يقول الحق حتى لو وضعوا السيف على رقبته واستطاع أن يقول في هذه الفرصة كلمة سمعها من النبي ﷺ لقالها ﵁، وورد من الثناء عليه أنه أصدق الناس لهجة ﵁، ومع ذلك يقول النبي ﷺ له: (إني أراك ضعيفًا وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين على مال يتيم) فمع هذه الفضائل له، إلا أن النبي ﷺ ينهاه أن يتأمر على اثنين، وأن يتولى على مال يتيم؛ لأنه لا يصلح لذلك كما قال النبي ﷺ.
الآن هنا كون أبي ذر ﵁ لا يتولى هذا المقام، أو لا يصلح لهذا الميدان هل يعني أنه قد أفلس من كل المقومات؟ وهل يعني أن أبا ذر ﵁ لم يعد مؤهلًا أن يقدم خيرًا للمسلمين؟ لا، فليس هذا هو المقياس، إن المقياس مقياس آخر، فلكل ميدانه.
3 / 9