Lessons of Sheikh Mohammed Al-Duwish
دروس الشيخ محمد الدويش
Genre-genre
الاهتمام بالناس
ومن خلقه ﷺ اهتمامه بالناس.
وهو أيضًا خلق عجيب! وقد دونت بعضًا مما رأيته في سنة النبي ﷺ فرأيت أن الأمر يطول حينما أردت أن أجمع شيئًا مما يدل على اهتمامه ﷺ بالناس ورعايته لهم، ومن ذلك مثلًا ما يرويه عثمان ﵁ يقول: (إنا والله قد صحبنا رسول الله ﷺ في السفر والحضر، وكان يعود مرضانا، ويتبع جنائزنا، ويغزو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير، وإن أناسًا يعلموني به عسى ألا يكون أحدهم رآه قط) رواه الإمام أحمد.
وهاهو النبي ﷺ حين ماتت امرأة تقم المسجد، فحقّر الناس شأنها وصلوا عليها ودفنوها بليل، فقال ﷺ: (هلا آذنتموني) فيذهب ﷺ فيصلي على قبرها.
وحين يمرض أعرابي يأتي النبي ﷺ إليه فيعوده، فيقول النبي ﷺ له: (لا بأس، طهور إن شاء الله، فقال له الأعرابي: ماذا قلت؟ فأعاد النبي ﷺ عليه، قال هذا الأعرابي: بل حُمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور، فقال ﷺ: نعم، فمات ذاك الرجل).
وحين مرض شاب غلام من أصحاب النبي ﷺ وبه رمك أتاه النبي ﷺ يعوده وهو زيد بن أرقم ﵁ الذي جاء إلى النبي ﷺ راويًا له ما قاله عبد الله بن أبي فقال له ﷺ: (قد وفت أذنك يا غلام).
إنه ﷺ لا يستنكف ولا يستكبر أن يعود هذا الغلام.
إنه ﷺ يهتم بشأن خاصة أصحابه ويعتني بهم، ويهتم بشأن الأعراب، ويهتم بشأن الصبيان، ويهتم بشأن القريب والبعيد، بل يبلغ هذا الأمر عند النبي ﷺ شأنًا عجيبًا، (كان النبي ﷺ جالسًا فدخل أبو بكر فلم يعدّل جلسته، ثم دخل عمر ﵁ فكان كذلك، فلما دخل عثمان تهيأ ﷺ، وعدّل جلسته، فقيل له في ذلك؟ فقال ﷺ: إن عثمان رجل حيي فإني أخشى أن يراني على هذا فلا يبلغ حاجته).
انظروا إلى هذا القدر من رعايته واهتمامه ﷺ بأمر الناس: تأتي امرأة في عقلها شيء فتأخذ بيده ﷺ، فينطلق معها ﷺ وتحدثه بحاجتها، وتأتي بريرة وقصتها مشهورة، وهي أمة فحين عتُقت كانت ذات زوج، فحين حدثها ﷺ فقال لها: (ارجعي إلى زوجكِ قالت له: أنت شافع أم آمر؟ فيقول ﷺ: بل شافع، فتقول: لا حاجة لي فيه).
يهتم النبي ﷺ بأمر العبد وهو الذي يقود الأمة، ويواجه اليهود ويواجه غطفان، ويواجه قريشًا، ويواجه المنافقين، والأعراب من هنا وهناك، ويقضي بين الناس ويفتيهم ويعالج شئونهم وتعليمهم.
وفي الواقع أنك لو أردت أن تستكثر من هذه الشواهد لشعرت أن المقام يضيق بك، اقرأ سيرته ﷺ وسنته، وانظر كيف كان ﷺ يهتم بالناس ويعتني بهم، ولا شك أيها الإخوة أن هذا مما يؤثر على الناس، ويجعل الرجل يملك قلوبهم، فما أحوج طلبة العلم، وما أحوج الذين يتصدون للدعوة إلى الله ﵎ وإلى تعليم الناس أن يعتنوا بشأن الناس، والعناية بشأن الناس ولو بكلمة طيبة، أو اعتذار لطيف، أو حسن استقبال قد يكفي ويخلق من المودة في قلوب الناس الكثير الكثير، بل والمرء يفعل ذلك تدينًا وحسن خلق قبل أن يفعله لأجل أن يكسب مودة الناس.
أشعر أيها الإخوة أن الحديث يطول، ولهذا أكتفي بهذا القدر، وأقتصر على هذه النقاط، وإن كانت هناك بعض النقاط التي دوّنتها وأردت الحديث حولها، لنترك بعض الوقت للإجابة على أسئلة الإخوة.
أسأل الله ﵎ أن يهدينا لأحسن الأخلاق فلا يهدي لأحسنها إلا هو ﵎، وأن يصرف عنا سيئها إنه ﵎ سميع مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
8 / 22