Lessons of Sheikh Mohammed Al-Duwish
دروس الشيخ محمد الدويش
Genre-genre
ضياع الوقت عند الكفار
ولا شك أنه في مقابل ما نراه من حرص أولئك على الوقت، فهذا لا يعني أنهم اغتنموا الوقت الاغتنام الأمثل، بل إنهم خسروه الخسارة الكبرى من حيث أنهم أعرضوا عن شرع الله ﷿، وضيعوا عمرهم في معصية الله ﵎، فحين تزول هذه الدنيا يزول معها ما عملوا، ويصيرون حطب جهنم، عافانا الله وإياكم من ذلك.
وحين نتأمل مثلًا في سيرهم، وهم يتحدثون عن القراءة، ربما تجد جزءًا كبيرًا من تلك القراءة التي يتحدث عنها أولئك قراءة غير مفيدة، فهو مثلًا يقرأ كثيرًا في كتب الروايات، أو كتب القصص، أو في كتب لا تستحق أن يضيع المرء فيها عمره المحدود، لكن هم في الجملة يقرءون ويدركون قيمة الوقت.
بل إن الوجه الآخر والصورة الأخرى من حال أولئك، أنهم يقضون أوقاتًا هائلة لأمور تافهة، من ذلك مثلًا: أن هناك في فرنسا أكاديمية تسمى أكاديمية السخرية، وتجري مسابقة في البشاعة، فالذي يستطيع أن يحول وجهه إلى أبشع صورة يأخذ كأس أبشع وجه، وحصل على هذا الكأس أحدهم مرتين متواليتين، فأراد الآخر أن ينافسه، وجلس يتدرب لمدة سنة، كل يوم يتدرب ثمان ساعات لتحويل وجهه إلى وجه بشع، واستطاع أن يفوز بالكأس في المسابقة الثالثة.
فهذه صورة من صور اغتنام الوقت عند أولئك، ولا شك أن هذا يعتبر أكبر اغتنام للوقت حينما ينفق ثمان ساعات في تحويل وجهه إلى صورة بشعة، وقد خلقه الله ﷿ في أحسن تقويم.
فالذي يقضي ثمان ساعات كل يوم لأجل أن يحول وجهه إلى صورة بشعة وقذرة، أظن أن الهدف الذي عنده أهون بكثير من أهدافنا، فنحن نستهدف رضا الله ﷿، ونستهدف أن نغتنم أوقاتنا في أمر نلقى فيه إجابة حين نسأل يوم القيامة عن أعمارنا فيما أفنيناها، ونحن نتطلع إلى أن نعمر أوقاتنا بعبادة الله ﷿، وتحصيل العلم الشرعي، والدعوة إلى الله، ونفع الناس، وتقديم أمور لا يمكن بحال أن تقارن بحال مثل هذا السفيه وغيره.
على كل حال أردت بهذا الاستطراد أنه قبل أن يتحدث الناس عن اغتنام أولئك لأوقاتهم، وعن أنهم فاقوا المسلمين في اغتنام الوقت، لكن هذا لا ينسينا أن أولئك حطب جهنم، وأنهم غفلوا عن الاغتنام الحقيقي والأساس للوقت، وربما نجد صورًا كثيرة من إضاعة الوقت عند هؤلاء، كما سبق أن أشرنا.
5 / 4