Lessons of Sheikh Ahmad Fareed

Ahmad Farid d. 1450 AH
69

Lessons of Sheikh Ahmad Fareed

دروس الشيخ أحمد فريد

Genre-genre

أقسام الناس في التوبة الناس في التوبة على أقسام أربعة: القسم الأول: من لا يوفق لتوبة طوال عمره، ولا يوفق للحظة صدق واحدة مع الله ﷿ ومع نفسه، فهو لا يفكر لماذا خلق؟ وما هي الوظيفة المنوطة به؟ فهو يحيا حياته كلها لا يعرف ربه ﷿، ولا يعبده بأمره ونهيه، وإنما يحيا في الدنيا حياة البهائم، كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ﴾ [محمد:١٢]، فهو يعيش من أجل أن يأكل ويأكل من أجل أن يعيش، ولا يدري لماذا خلق، فهو لا يعرف ربه، ولا يعبده بأمره ونهيه، ولعله ما دخل في حياته كلها بيت الله ﷿، ولعله لا يدخلها إلا مرة واحدة، ولا يدخلها على قدميه بل محمولًاَ على خشبته، ليصلي بل ليصلى عليه، ثم لا يعود إلى المسجد مرة ثانية. وكما كان في الدنيا لا يحيا الحياة التي يحبها الله ﷿ ويرضاها له، وليس هو جمادًا لا يحس فالجزاء من جنس العمل، سيدخل نارًا لا يموت فيها ولا يحيا، فيحيا حياة لا يجد فيها راحة أو لذة، ولا يفقد الإحساس ولا الحياة بالكلية، ﴿وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ﴾ [إبراهيم:١٧]، ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾ [الزخرف:٧٧]. وحسب المنايا أن يصرن أمانيا وحسب العبد من البلايا والرزايا أن يصير الموت أمنيته ولا يجد الموت، كما قال بعض السلف: احذر الموت وأنت في هذه الدار قبل أن تصل إلى دار تتمنى فيه الموت فلا تجده. القسم الثاني: من يعرف ربه ﷿ برهة من عمره وزمان من دهره، ويعبد الله ﷿ فترة من عمره، ثم ينقلب لعلم الله ﷿ فيه، فيعمل بمعصية الله ﷿ ويموت على ذلك، ما أصعب العمى بعد البصيرة! وأصعب منه الضلالة بعد الهدى! والمعصية بعد التقى! كم من وجوه خاشعة وقع على قصص أعمالها! ﴿عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً﴾ [الغاشية:٣ - ٤]. كم من قارب مركبه ساحل النجاة فلما هم أن يرتقي لعب به موج فغرق! كل العباد تحت هذا الخطر، قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، ليس العجب ممن هلك كيف هلك، وإنما العجب ممن نجا كيف نجا! يقول النبي ﷺ: (فوالذي نفسي بيده إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينها وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها). وتقول السيدة عائشة ﵂: إن الرجل ليعمل زمانًا بعمل أهل الجنة وهو من أهل النار والعياذ بالله. القسم الثالث: من يعمل برهة من عمره في معصية الله ﷿ ثم يوفق لتوبة نصوح ويموت على ذلك، قال النبي ﷺ: (وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها)، وهؤلاء كثير، ورحمة الله ﷿ غلبت غضبه أو سبقت غضبه. فالغالب في أحوال الناس العمل بالمعصية ثم يتوبون قبل موتهم من رحمة الله ﷿ بهم، وقليل منهم من يعمل بالطاعة ثم ينقلب فيعمل بالمعصية ويموت على ذلك. وهؤلاء على طبقتين: فمنهم من يتوب قبل موته بمدة مديدة تؤهله للوصول إلى الدرجات العلى، ومنهم من يتوب قبل موته بمدة يسيرة فحسبه أن يدخل الجنات وأن ينجو من اللفحات. وبقي قسم هو أشرف الأقسام وحال هي أشرف الأحوال وهو حال نبينا محمد ﷺ، وهي أن يعمل العبد بطاعة الله ﷿ عمره كله ثم يحس بقرب أجله فيجتهد في الطاعة والعمل الصالح حتى يموت على عمل يصلح للقاء. لما نزلت ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ [النصر:١ - ٣] نعيت إلى النبي ﷺ نفسه، فعلى الحبيب أن يتجهز للقاء حبيبه، فكان النبي ﷺ أشد ما يكون اجتهادًا في أمر الآخرة، وكان لا يقوم ولا يقعد إلا قال: سبحان الله وبحمده، يتأول القرآن. وكان النبي ﷺ يعتكف في كل سنة عشرًا من رمضان، فاعتكف في السنة الأخيرة من عمره عشرين ليلة. (أسر النبي ﷺ إلى فاطمة الزهراء بحديث فبكت، ثم أسر إليها بحديث آخر فضحكت، فسألها أمهات المؤمنين عما أسر به النبي ﷺ فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله ﷺ. ثم لما لحق بالرفيق الأعلى أخبرت أنه أسر إليها أولًا: (بأن جبريل كان يعارضه القرآن مرة وأنه في هذه السنة عارضه القرآن مرتين، قال: وما أرى ذلك إلا لقرب أجلي)، فكان النبي ﷺ يفهم هذه الإشارات من ربه ﷿، فبكت فاطمة

7 / 5