Lessons of Sheikh Ahmad Fareed
دروس الشيخ أحمد فريد
Wilayah-wilayah
Mesir
حفظ الله ﷿ للعبد
فمن حفظ الله ﷿ في سمعه وبصره ولسانه وفرجه وحافظ على حدود الله ﷿، وحافظ على حقوق الله ﷿، وحافظ على أوامر الله ﷿ بأن يؤديها، وحافظ على مناهي الله ﷿ فلا يقع فيها كان جزاؤه من الله ﷿ الحفظ، كما قال ﷿: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة:١٥٢].
وكما قال ﷿: ﴿إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ﴾ [محمد:٧].
فالجزاء من جنس العمل، فالحفظ من الله ﷿ للعبد يكون على نوعين: النوع الأول: أن يحفظ سمعه وبصره ولسانه، وأن يحفظ عليه جوارحه، وأن يؤيده بقوته، وأن يحفظ ماله، وأن يحفظ أولاده، هذا حفظ في الدنيا.
النوع الثاني: حفظ الإيمان، وذلك أن يحفظ على العبد إيمانه، فلا يقع في الشهوات ولا في الشبهات، وأن يحول بينه وبين المعصية التي توجب غضب رب الأرض والسماوات.
أما النوع الأول من الحفظ فهو أن يحفظ الله ﷿ على العبد قوته، كما حفظ ذلك لـ أبي الطيب الطبري وكان قد جاوز المائة سنة، فقد جاء أنه وثب وثبة شديدة من مركب إلى الأرض فعوتب على هذه الوثبة فقال: جوارح حفظناها في الصبا فحفظها الله ﷿ علينا في الكبر.
فمن حافظ على جوارحه من معصية الله ﷿ فالله ﷿ يمتعه بسمعه وبصره وقوته.
والعكس بالعكس، رأى الجنيد شيخًا كبيرًا يسأل الناس فقال: هذا ضيع الله ﷿ في الصبا فضيعه الله ﷿ في الكبر.
من فارق سدة سيده لم يبق لقدمه قرار، والله! ما جئتكم زائرًا إلا وجدت الأرض تطوى لي، ولا ثنيت العزم عن بابكم إلا تعثرت بأذيالي.
فالعبد إذا حفظ الله ﷿ حفظه الله ﷿، حفظ صحته، وحفظ ماله، وحفظ أولاده، كما كان سعيد بن المسيب -وقيل: سعيد بن جبير - يقول لابنه: لأزيدن في صلاتي من أجلك رجاء أن أحفظ فيك، ويتأول قول الله ﷿: ﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا﴾ [الكهف:٨٢].
فصلاح الآباء يكون سببًا في حفظ الأبناء، قال ﷿: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ [النساء:٩].
فمن حفظ تقوى الله ﷿ فقد حفظ نفسه، ومن ضيع تقوى الله ﷿ فقد ضيع نفسه، والله ﷿ غني عنه، قال ﵊: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك)، وفي الرواية الأخرى: (تجده معك) والمعية من الله ﷿ على نوعين: معية عامة لجميع الخلائق: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا﴾ [المجادلة:٧]، ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ [الحديد:٤]، فالله ﷿ مع جميع الخلق بسمعه وبصره وقدرته وإحاطته، فهذه معية عامة لجميع الخلق تستوجب من العبد الحذر والخوف من الله ﷿، وتقوى الله ﷿ ومراقبة الله ﷿.
المعية الثانية: معية النصرة والتأييد والتوفيق والتسديد، كما قال ﷿ حاكيًا عن نبيه محمد ﷺ أنه قال لـ أبي بكر ﵁ في رحلة الإسراء: ﴿لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة:٤٠]، أي: معنا بسمعه وتوفيقه وتسديده.
وكما قال ﷿ لهارون وموسى ﵉: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه:٤٦] أي: أسمع ما يراد بكما، وأرى ما يحاك بكما، وأسمع دعاءكما، وأعلم ما تحتاجان إليه.
وقال ﷿: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾ [النحل:١٢٨]، فمن كان مع الله ﷿ بطاعته وتقواه ومع دين الله ﷿ يعز دين الله ويرفع دين الله ﷿ ويرفع راية الله ﷿ مع الله ﷿ بالحب والنصرة والتأييد لدينه ورسوله وكتابه فالله ﷿ معه.
قال قتادة: من كان مع الله ﷿ كان الله معه، ومن كان الله ﷿ معه كان معه الفئة التي لا تغلب، والحارس الذي لا ينام، والهادي الذي لا يضل.
فإذا كنت مع الله ﷿ كان الله ﷿ معك، معيته لأنبيائه وأوليائه معية التأييد ومعية النصرة ومعية التسديد.
إذا كنت بالله مستعصمًا فماذا يضيرك كيد العميل فمن كان مع الله ﷿ كان الله ﷿ معه.
29 / 3