249

Lessons in Doctrine - Al-Rajhi

دروس في العقيدة - الراجحي

Genre-genre

الشرك الأصغر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فقد سبق الكلام -فيما مضى- على الشرك بالكهانة والشرك بالتنجيم، وعرفنا أن الكهانة التي يتصل صاحبها بالشياطين يفسق صاحبها، وكذلك التنجيم، وعرفنا أن التنجيم المحرم هو علم التأثير، وأما علم التسيير فجائز عند جمهور العلماء، وهو الصواب، وهل تدخل معرفة وقت الكسوف والخسوف للشمس والقمر في المنهي عنه أم لا؟ الصواب أن كسوف الشمس والقمر يعرف بالحساب، وأن ذلك ليس من ادعاء علم الغيب، فالكسوف والخسوف كل منهما له سببان: سبب شرعي، وسبب حسي، فالسبب الشرعي هو ما جاءت به النصوص، كقوله ﷺ: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فاسعوا إلى الصلاة)، وفي لفظ: (يخوِّف الله بهما عباده)، فالسبب هو تخويف الله لعباده، ولهذا جاءت الأحاديث بالأمر بالاستغفار والصدقة والعتق والتوبة.
والسبب الثاني: سبب حسي، وهو إدراك ذلك بالحساب، فإذا كان الحاسب متقنًا فإنه يستطيع أن يدرك ذلك، وإذا لم يكن متقنًا في الحساب فإنه يخطئ.
فالمقصود أن معرفة الكسوف والخسوف ليست من دعوى علم الغيب، فذلك يدرك بالحساب.
وقد سبق الكلام على الشرك الأكبر بأنواعه، والشرك في اللغة معناه: القسْم والنصيب، ومنه قول النبي ﷺ: (من أعتق شركًا له في عبد قُوِّم عليه)، أي: نصيبًا وقسمًا وجزءًا.
والمراد بالشرك الأصغر: ما ورد من الذنوب تسميته شركًا ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر، أي أنه ليس شركًا في العبادة، ولا ناقضًا من نواقض الإسلام، فإذا كان شركًا في العبادة فهو شرك أكبر، أما إذا كان من الذنوب التي سماها الشارع شركًا ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر -بأن لم يكن شركًا في العبادة، ولا ناقضًا من نواقض الإسلام- فإنه يكون شركًا أصغر.
والشرك الأصغر وسيلة إلى الشرك الأكبر، وهو أكبر من الكبائر؛ لأن الشرك الأكبر يتعلق بالقلوب وصرفها عن الله، بخلاف الكبائر؛ فإنها طاعة للهوى والشيطان، فلذلك كان الشرك الأصغر أكبر من الكبائر.

11 / 2