Lessons from the Migration - Attia Salem
دروس الهجرة - عطية سالم
Genre-genre
نزول السكينة من الله على رسوله نصرة وطمأنينة
إذا تأملنا هذا الأمر بالذات بذاته نجد أنه من أقوى عوامل النصر في جميع المعارك؛ يقابل هذا شدة الخوف والرعب في قلوب الأعداء، فهو أقوى أسباب الهزيمة، ولكي نقف على هذه النقطة نأخذ مواقف النبي ﷺ في غزواته، وكذلك غيره من الأنبياء.
فمن ذلك موقف طالوت مع بني إسرائيل: ﴿إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا﴾ [البقرة:٢٤٦]، إلى أن قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا﴾ [البقرة:٢٤٧]، هل أقروا بذلك؟ لا، بل قالوا: ﴿أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ﴾ [البقرة:٢٤٧] فكان
الجواب
﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ وَزَادَهُ بَسْطَةً﴾ [البقرة:٢٤٧] لم يقل: في المال، أو الحسب أو النسب، بل بمقومات القيادة، ﴿وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ﴾ [البقرة:٢٤٧]، العلم للتخطيط وبعد النظر وطلب الحكمة، والجسم منفذ، ولهذا فكل قائد جهول أو أحمق إنما يردي قومه ويردي نفسه، وتكون جنايته على نفسه وعلى من معه أشد من نكاية الأعداء، وما أشبه الليلة بالبارحة.
ثم يقول لهم نبيهم: ﴿إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ﴾ [البقرة:٢٤٨]، كما قال هنا: ﴿فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ﴾ [التوبة:٤٠]، فكذلك التابوت الذي جعله الله آية لملك طالوت وبه يثبت الملك، وبه يكون النصر، ﴿فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ﴾ [البقرة:٢٤٨].
لم يكن من عوامل تثبيت ملك طالوت وتنصيبه ملكًا، تاج مرصع ولا سيف مذهب، ولا كان شيئًا من الأدوات المادية، بل السكينة وحسب، وأيضًا: (مِنْ رَبِّكُمْ) فكانت النتيجة عندما التقوا، أن قومًا قالوا: ﴿لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ﴾ [البقرة:٢٤٩] وقال الآخرون: ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا﴾ [البقرة:٢٥٠]، (أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا) بالسكينة، (وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا) بالسكينة، (وَانْصُرْنَا)؛ فكانت تلك الآية من ربهم إنما هي السكينة.
6 / 5