Lessons by Sheikh Yasser Burhami

Yasser Borhami d. Unknown
59

Lessons by Sheikh Yasser Burhami

دروس للشيخ ياسر برهامي

Genre-genre

أبناء الصحوة الإسلامية وبيان واجبهم وأما الفريق الآخر الثالث من أبناء المسلمين فهم الذين نسبوا أنفسهم إلى الدعوة إلى الله ﷾ وإلى الالتزام بالدين في أوجه مختلفة متباعدة عن بعضها كثيرًا، وهم الذين سموا أنفسهم -أو سماهم الناس- أبناء الصحوة الإسلامية، وهؤلاء منهم المقصرون؛ لأن منهم من سلك في سبيل العمل بالإسلام وفهمه، أو الدعوة إليه والعمل من أجل نصرته سبيلًا غير شرعي، فانحرف عن منهج الحق منهج أهل السنة والجماعة أي: ما كان عليه رسول الله ﷺ وصحابته الكرام في الفهم، فقبلوا بدعوات الضلالات، وربما نشروها وأعانوا على نشرها، وربما رضوا بها وقبلوها، وهم على درجات متفاوتة مختلفة، فكان الانحراف في المنهج من أعظم أسباب تسليط الأعداء، وكان ظهور البدع والمنكرات فينا -أبناء الصحوة الإسلامية- من أعظم أسباب التفرق والاختلاف الذي أدى إلى ما نرى من الآلام والمحن. لذلك لابد من أن يكون هناك منهج واحد صحيح، وهو منهج هذه الطائفة الظاهرة المنصورة إلى قيام الساعة، طائفة أهل السنة والجماعة، نجتمع عليه ونتآلف ونتكاتف وننسى حظوظ أنفسنا وما نريده لها في هذه الدنيا من وجاهة وسط الناس، ومن أن يقال: فلان عالم، وفلان قارئ، وفلان داعية، وفلان كبير، وفلان زعيم؛ لأنه السبب في هذا البلاء وهذه المحن، ونريد أن نجتمع على منهج واحد، ونسير على سبل شرعية، ولا نطبق هذا المنهج بغير ما طبقه به الرسول ﵊، ولا نفقد في غمار حماستنا الحكمة والبصيرة في دعوتنا إلى الله ﷿، فكم من تطبيق خاطئ للمنهج ولو كان أصحابه ينتسبون إليه حين دعوا إلى الله وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر بغير معروف، بل بالمنكر بغير فقه ولا علم، وبغير مراعاة للحكمة والمصلحة، وبغير مراعاة لسنن الله الكونية والشرعية، فترتب على ذلك من سفك الدماء وانتهاك الحرمات ما الله أعلم به، وترتب على ذلك تضييع خطوات قد سبقت على طريق إظهار دين الله ﷿. لذلك نقول: لابد من أن نسير على منهج واحد ونطبقه كذلك تطبيقًا صحيحًا، وأن نسير عليه بالبصيرة والحكمة والعلم والفقه، ولا نفعل كما فعل المتعجلون الذين ضيعوا الثمرة حين أرادوا قطفها قبل الأوان؛ لأنهم لم يراعوا سنة الرسول ﵊، وسائر المرسلين في الدعوة إلى الله ﷾، وفي السير على سنن الله الكونية والشرعية للوصول إلى الغايات المطلوبة. فنحن من المقصرين تقصيرًا شديدًا، ونريد أن نتوب إلى الله من ذلك التقصير، ذلك أننا ما تعلمنا منهجنا كما ينبغي، ولا طبقناه كما ينبغي، بل تركنا لأمراض القلوب مساحة واسعة منها دخلت الأحقاد، ودخل الحسد، ودخل الغرور، ودخل الكبر والعجب، ودخل الرياء والعياذ بالله من ذلك، ودخل سوء الظن، ودخل التنافس على الدنيا، ودخلت أمراض كثيرة بيننا، ومن ألسنتنا أيضًا دخلت أمراض كثيرة؛ لأننا تركنا مساحة واسعة من ألسنتنا لتغتاب وتنم، ولتكذب، ولتقول الباطل، ولتفجر في الخصومة، وتركنا أوقاتًا طويلة لا نعبد الله ﷿ فيها ولا نذكره، وننام عن الصلوات، وننام عن دروس العلم، ونتأخر عما أحبه الله ﷿ منا، بل لو قلت عما أوجب الله علينا لما أبعدت كثيرًا. لذلك نقول: نحن في ضمن المقصرين وإن كنا نزعم أننا نسير على الطريق، لكن لسنا نسير بالقوة المطلوبة، فهناك وهن، ولذلك نوجه الكلام لأنفسنا ولغيرنا لقول الله تعالى: ﴿خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ﴾ [البقرة:٦٣]، فنريد أن نكون أقوياء، فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف. فنحن نريد أن نكون أقوياء في علمنا، ونريد أن نكون أقوياء في عبادتنا، ونريد أن نكون أقوياء في دعوتنا، ونريد أن نكون أقوياء فيما نتعامل به مع الله ﷿، ونريد أن نكون أقوياء في علاقتنا ببعضنا، وفي حبنا لبعضنا، وفي تماسكنا، وفي صدقنا مع ربنا ﷾؛ لأن ذلك هو الذي يذهب الله ﷿ به ما بنا. فالآلام كثيرة، وما زال التقصير شديدًا وبأنواع مختلفة من أبناء أهل الإسلام، والكلمة الأخيرة التي نوجهها لأنفسنا ولإخواننا ولمن كانوا منا ثم فارقونا، أعني لمن كانوا من أبناء الإسلام ثم ارتموا في أحضان أعداء الإسلام وساروا على مخططاتهم، تلك الكلمة الأخيرة: هي النداء بالتوبة الذي وجهه الرسول ﷺ للناس، فقال: (يا أيها الناس! توبوا إلى الله واستغفروه؛ فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة) ﷺ. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يرحمنا، اللهم فرج كرب المكروبين، وفك أسر المأسورين، وارفع الظلم عن المظلومين، اللهم كف أيدي الذين كفروا فأنت أشد بأسًا وأشد تنكيلًا، اللهم كف بأسهم عن المسلمين فأنت أشد بأسًا وأشد تنكيلًا، اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره، واجعل تدميره في تدبيره، واجعل الدائرة عليه يا رب العالمين، اللهم اغفر لنا وارحمنا، وتب علينا واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم انصرنا ولا تنصر علينا، اللهم امكر لنا ولا تمكر بنا، اللهم اهدنا واستجب لنا، اللهم اجعلنا لك شكارين، لك ذكارين، لك رغابين رهابين، إليك منيبين مخبتين، اللهم تقبل توبتنا، واغفر حوبتنا، واهد قلوبنا، وسدد ألسنتنا، واسلل سخائم صدورنا، اللهم اجعلنا من عبادك المخلصين، ربنا اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

6 / 16