228

Lessons by Sheikh Yasser Burhami

دروس للشيخ ياسر برهامي

Genre-genre

خذلان الله للكافرين
قال ﷿: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ [آل عمران:٢٢]، فليس لهم من ناصرين رغم كثرة من ينصرهم؛ وذلك لأن قوة البشر لا تساوي شيئًا في ميزان القوة في هذا الوجود، فكم تساوي من القوة المودعة في الأرض؟ وكم تساوي بالنسبة إلى القوة المودعة في البحر؟ وكم تساوي بالنسبة إلى القوة المودعة في السماء؟ وكم تساوي بالنسبة إلى قوة ملك من الملائكة؟ فإن كنا نؤمن بذلك فلندرك هذه الحقيقة اليقينية، فكيف بالنسبة إلى قوة القوي العزيز الرحيم، العزيز في انتقامه من أعدائه، الرحيم بأوليائه ﷾؟! فينبغي أن يكون ظاهرًا لكل أحد أن قوة الكفرة والظلمة لا تساوي شيئًا بالنسبة إلى القوة المودعة في الأرض، فلو تزلزلت الأرض زلزالًا يسيرًا بدرجات معدودة لدمرت ما فوقها، فكيف بما في باطنها من أهوال، ولو أمرها الله ﷿ أن تخرجها لخسفت بهؤلاء، ولو شاء لأغرقتهم البحار، أو حصدتهم السماء بأمره ﷿؟! إن جبريل ﵇ صاح بقوم لوط صيحة واحدة فأهلكهم عن بكرة أبيهم، وذلك بقدرة الله ﷾، وصاح بقوم ثمود كذلك صيحة واحدة فأهلكهم الله ﷿، كما قال ﷾ في قصة الذين كذبوا الرسل وقتلوا مؤمن آل ياسين ﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ﴾ [يس:٢٩].
فالله ﷾ جعل في الكون المشهود المخلوق من أنواع القوة والقدرة ما يدلنا على عجز البشر وضعفهم، فكيف يكون لهم ناصر من دون الله ﷿ إن أرادهم بسوء أو بإهلاك، ولو اجتمعوا جميعًا على تناصر بينهم فو الله لن يساووا عنده شيئًا، ولا أدنى من جناح بعوضة، فالدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة، قال ﷿: ﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ [آل عمران:٩١].
ويمكن للمؤمنين بفضل الله أن يستخرجوا من أنواع القوة التي يدمر الله بها أعداءهم، وذلك بأن يستعينوا بقوة العزيز القوي الجبار، قاهر الخلق ما فوقهم وما تحتهم ﷾.
فإذا استعان المؤمنون بالله وأخلصوا دينهم له، دعوه ﷿ بصدق، فقد نزلزل لهم الجبال وتحرك لهم البحار والسموات والأرض، فقد آذى النبي ﷺ يومًا قومُه فأرسل الله إليه جبريل ومعه ملك الجبال يستأذنه في أن يطبق الأخشبين على أهل مكة، فلم يرد ذلك وقال: (لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يقول: لا إله إلا الله)، فالله ﷾ جعل الكفار بلا ناصر، فلا ناصر لهم، ولا ينصر بعضهم بعضًا إذا جاء أمر الله ﷾.

19 / 8