Lessons by Sheikh Muhammad Al-Munajjid
دروس للشيخ محمد المنجد
Genre-genre
تعريف الصحابي
والصحابي هو من لقي النبي ﷺ مؤمنًا به ومات على ذلك.
لماذا قلنا: من لقي ولم نقل: من رأى؟ لأنه قد يكون ضريرًا، لو قلنا: من رأى النبي ﷺ فمعنى ذلك أننا أخرجنا ابن أم مكتوم وأخرجنا فلانًا وفلانًا من الصحابة الذين لم يكونوا من المبصرين، فقال العلماء: من لقي النبي ﷺ، واللقيا هي: هو أن يجتمع مع النبي في مكانٍ واحد ولو لم يتحدث معه، ولو لم يسمع منه شيئًا، فمجرد التقائه بالنبي ﵊ يصير من الصحابة الذين لهم الميزات العظيمة رضي الله عنهم ورضوا عنه ومن أهل الجنة، والقدح فيهم قدح في نقلة الوحي، ولا يسأل عن أحدهم في الحديث هل هو ثقة أو غير ثقة لأنهم عدول كلهم، وهم قومٌ اختارهم الله؛ كل واحدٍ لقي النبي ﷺ فهو صحابي، وهذا يشمل من لقيه في الأرض أو لقيه في السماء.
ولذلك فإن بعض الأنبياء صحابة لقوه مؤمنين به، لكن عندما نقول في التعريف: من لقي النبي ﷺ مؤمنًا به ومات على ذلك، فإن عيسى ﵇ بناءً على ذلك ينطبق عليه تعريف الصحابي، لأنه لقي النبي ﵊ مؤمنًا به وسيموت على هذا، لأن عيسى لم يمت بعد ﵇، عمره فوق ألفي سنة، وسيكون عمره فوق ألفين سنة إذا نزل ومات ﵇.
ولا يهم أين لقيه، في طريق الهجرة، في مكة في المدينة في الأرض، في السماء.
واللقاء يمكن أن يكون بنظرة أو اجتماع في مكانٍ واحد سواء كلمه أو لم يكلمه.
ومؤمنًا به: حتى نخرج الكافر الذي لقيه ولم يؤمن به ومات كافرًا، مثل أبي لهب وأبي جهل وغيرهم ممن لقوا النبي ﵊، ولكنهم ليسوا بمؤمنين به، فلذلك ليسوا من الصحابة؛ لأن الصحابي من لقي النبي ﷺ مؤمناٌ به ومات على ذلك.
فخرج من هذا كل المرتدين الذين ماتوا مرتدين ممن لقي النبي ﵊ كـ مسيلمة، فقد لقي النبي ﷺ وجاء إلى النبي ﷺ، لكنه مات على الردة، وعدد من العرب ماتوا على الردة.
فالصحابي من لقي النبي ﷺ مؤمنًا به ومات على ذلك ولو تخللته ردةٌ على الأصح؛ فلو أنه ارتد ثم رجع فإنه يعتبر صحابيًا؛ لأن العبرة بالخاتمة، والتوبة تجب ما قبلها، فتمحى فترة الردة بالتوبة، فيتصل الإسلام الأول بالإسلام الثاني، فكأن الردة لم تكن، ومات على ذلك.
وهناك أناس حصل بينهم وبين النبي ﷺ مراسلات، وآمنوا به وماتوا على ذلك، لكن ليسوا صحابة كـ النجاشي؛ لأنه لم يلتق معه، حصل بينه وبينه مراسلات، لكن ما لقيه.
ثم إن العلماء بحثوا مسألة: هل إذا لقيه يشترط أن يكون في سنٍ معينة؛ لو أن النبي ﵊ رأى شخصًا والشخص هذا كان عمره سنة، من الذي لقي الآخر؟ النبي ﷺ لقي الصبي أو حنكه أو دعا له ونحو ذلك.
وكذلك الجن، فإن تعريف الصحابة لا يختص بالإنس، فمن الجن صحابة التقوا بالنبي ﵊ وعلمهم القرآن، قرأ عليهم سورة الرحمن وانطلق مع وفدهم واجتمع بهم، وأرى الصحابة آثار نيرانهم، وأعطاهم كل عظمٍ ذُكر اسم الله عليه عند ذبحه، فكل عظم ذبيحة ذُكر اسم الله عليها عند ذبحها ينقلب في أيديهم لحمًا أوفر ما يكون، طعامًا للمسلمين منهم، وكل روث علف لدوابهم، ولذلك نهينا أن نستجمر بالروث والعظم، لأن العظم زاد إخواننا من الجن، ينقلب لحمًا في أيديهم، والروث علف لدوابهم لأن الجن لهم دواب، وعلف دوابهم الروث، فلا نستجمر لا بعظم ولا بروث.
ثم ً بحثوا أيضًا مسألة الملائكة الذين لقوا النبي ﵊، ولا شك أن الملائكة ستموت عندما ينفخ في الصور، كل من في السماوات ومن في الأرض حتى جبرائيل وميكائيل وحتى إسرافيل الذي ينفخ في الصور يموت.
ثم بحثوا أيضًا مسألة من وصل إلى المدينة وقد مات ﵊ ورآه بعد ما مات قبل أن يُدفن هل يكون صحابيًا أو لا، وينبغي معرفة هل حصل أصلًا هذا أو لا، لأن إثباته قد يكون من الصعوبة بمكان، فالمهم أن هناك حالات متفق عليها أنهم من الصحابة، وحالات مختلف فيها هل هم من الصحابة أم لا، وحالات قطعًا ليسوا من الصحابة، وهناك أناس وفدوا إلى النبي ﵊ فكان قد مات قبلها بليالٍ كالشاعر أبي ذؤيب الهذلي، والصنابحي وغيرهم ممن جاءوا بعد وفاة النبي ﵊ بقليل جدًا.
وبعضهم أكبر من الصحابة في العمر، عمرو بن ميمون الأودي عمره مثل عمر ناس من كبار الصحابة، لكن ما كتب له أن يلقى النبي ﵊، وصل إلى المدينة بعدما مات النبي ﵊.
عدة الصحابة مائة وأربعة وعشرون ألفًا، والذين حجوا معه في حجة الوداع عددهم قريب من هذا العدد، حج معه كل المسلمين القادرين على الحج، مائة وأربعة وعشرون ألفًا رأوه في عرفة ونظروا إليه، ومؤكد أن هذا العدد الذي نقله العادون في الحج في عرفة اجتمع معه ﷺ.
أما المنافقون فليسوا من الصحابة طبعًا إذا ماتوا على النفاق كـ عبد الله بن أبي بن سلول وغيره من المنافقين، والحمد لله لا يوجد في نقلة الأحاديث منافق، ما أذن الله لمنافق أن يروي حديثًا، ولذلك كل رواة الحديث عدول من الصحابة، لا يوجد حديث رواه منافق، ما مكنهم الله من رواية الأحاديث، وأصلًا هم لا يقصدون نشر العلم بأي طريقة، بل يريدون الطعن في نبوة النبي ﷺ.
8 / 7