Lessons by Sheikh Muhammad Al-Mukhtar Al-Shanqiti
دروس للشيخ محمد المختار الشنقيطي
Genre-genre
وصية وتوجيه لطالب العلم إذا أراد أن يدعو إلى الله
السؤال
ما هي وصيتك وتوجيهك لطالبٍ يسر الله له مفاتيح علمٍ، وبعد تخرجه سيرجع إلى بلده حيث لا يوجد فيها علماء راسخون، حتى يواصل معهم والناس محتاجون للدعوة والتعليم؟
الجواب
أوصيه بالإخلاص وما كنا فيه من ضبط العلم وإتقانه، فيراجع ما قرأه ويضبطه، وكل ما تعلمه من القليل والكثير فإن الله سائله عنه، فكل ما تعلمته من القليل والكثير وكل آية وكل حديث وكل علمٍ تعلمته ستقف بين يدي الله ﷿ وتسأل عليه، ترجع وتراجع جميع معلوماتك، وتتأكد منها وتستثبت، وتجدد النية وتصححها، ثم تنطلق للدعوة وتبدأ أول ما تبدأ بنفسك، ثم بمن تعول، ثم تحقق هذا العلم بالعمل وتبدأ بالأخلاق الفاضلة، وتأخذ الناس بالتيسير لا بالتعسير، وبالتبشير لا بالتنفير.
قال ﷺ لما بعث أبو موسى الأشعري ﵁ ومعاذًا إلى اليمن قال: (يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا)، فييسر الإنسان ويبشر، ولا ينفر ولا يعسر، فإن دين الله يسر.
وتأخذ الناس أولًا بما يعرفون حتى تأتلف قلوبهم حولك، وتذكرهم بالجنة والنار حتى تكون عندهم الرغبة والرهبة، بعد أن توقفهم على النار كأنهم يصعقون من زفيرها، وتوقفهم على ظلال الجنة وأشجارها كأنهم يقطفون من ثمارها، عندئذٍ تبين لهم وتأخذهم بالعزائم، ولذلك أدب الله عباده، تقول أم المؤمنين عائشة ﵂: (كان أول ما أنزل على الرسول ﷺ آيات فيها ذكر الجنة وذكر النار، ولو نزل لا تسرقوا لا تشربوا الخمر؛ ما آمن أحد).
فإذًا أولًا: نقرب الناس ونثبت قلوبهم، حتى إذا جاءت العزائم جاءت والنفوس قوية.
وأما منهج الدعوة فتبدأ أول ما تبدأ بتوحيد الله؛ لأنه أساس العمل الذي لا يمكن أن يقبل الله عمل عامل إلا به: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [الفرقان:٢٣].
تبدأ بالعقيدة وأصول الدين، تدعو الناس إلى التوحيد والإيمان بالله، وتبين لهم أركان الإيمان، وتقوي في قلوبهم هذا الإيمان وتذكي جذوته، حتى إذا قوي هذا الإيمان كفاك بإذن الله ﷿، إذا قوي إيمان الناس أصبح الواحد هو الذي يأتيك فيقول لك: ماذا أفعل في نفسي؟ وماذا أفعل في أهلي؟ وماذا أفعل بين أولادي؟ وماذا أفعل في متجري وبيعي وشرائي بعد أن يزيد إيمانه؟ ولذلك أول ما تحرص عليه العقيدة والإيمان، بعد أن تغرس العقيدة في قلبه والتوحيد والإخلاص لوجه الله ﷿، وتعود الناس على المعاملة مع الله ﷿ بعد ذلك يسهل عليك أن تقودهم إلى الخير، وأن يأخذوا بعزائم الإسلام بقوة، نسأل الله لنا ولك التوفيق، والله تعالى أعلم.
ونسأل الله العظيم في ختام هذا المجلس أن يجزي الشيخ صالح كل خير، وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وإن كنا والله نود أن الشيخ يعطر المجلس فأعينوني على الشيخ، وهذا من الأدب مع العلماء والمشايخ.
8 / 10