Lessons by Sheikh Abdullah Hammad Al Rassi
دروس للشيخ عبد الله حماد الرسي
Genre-genre
مصيبة وفاته ﵊
نعم.
يا أمة محمد ﷺ! لقد والله بلغ الرسالة، وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده ﷺ.
في آخر شهر صفر وأول ربيع الأول ابتدأ برسول الله ﷺ المرض وهو الصداع، كما روى ذلك الإمام أحمد رحمه الله تعالى عن أم المؤمنين عائشة ﵂ قالت: ﴿دخل عليَّ رسول الله ﷺ في اليوم الذي بُدِأَ فيه فقلت: وارأساه، فقال: وددت أن ذلك كان وأنا حي فهيأتكِ ودفنتكِ فقلت: غير كأني بك في ذلك اليوم عروسًا ببعض نسائك، فقال ﷺ: بل أنا وارأساه.
وخرج ﷺ عاصبًا رأسه بخرقة، فجلس على المنبر فقال ﷺ: إن عبدًا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده، فاختار ما عنده، فبكى أبو بكر ﵁ وقال: يا رسول الله! فديناك بآبائنا وأمهاتنا، قال راوي الحديث: فعجبنا، وقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ يخبر رسول الله ﷺ عن عبدٍ خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا، قال: فكان رسول الله ﷺ هو المخير، وكان أبو بكر هو أعلمنا به، فقال النبي ﷺ: إن من أمن الناس عليَّ في صحبته وماله أبو بكر ولو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا، ولكن أخوة الإسلام﴾ ثم قال ﷺ: ﴿لا تبقى في المسجد خوخة إلا سدت، إلا خوخة أبي بكر﴾ وفي رواية أخرى قال ﷺ: ﴿ما لأحد عندنا يدٌ إلا وقد كافأناه، ما خلا أبا بكر فإن له عندنا يدًا يكافئه الله يوم القيامة فيها، وما نفعني مال أحدٍ قط ما نفعني مال أبي بكر، ثم قال ﷺ: لا يبقين خوخة في المسجد إلا سدت إلا خوخة أبي بكر﴾ وفي هذا الإشارة إلى أن أبا بكر هو الإمام بعده ﷺ، ثم أكد هذا المعنى بأمره صريحًا أن يصلي أبو بكر بالناس، فرجع في ذلك ﷺ فقال: ﴿مروا أبا بكر فليصل بالناس﴾.
وتتام به وجعه ﷺ، وهو يدور على نسائه حتى اشتد به المرض، وهو في بيت ميمونة ﵂، فدعا نساءه فاستأذنهن وقال: إني لا أستطيع أن أدور بينكن، سأكون عند عائشة.
واشتد به الصداع ﷺ مع الحمى، فكان يجلس في مخضب ويصب عليه الماء من سبع قرب لم تحل أوكيتهن يتبرد بذلك ﷺ، وكان عليه قطيفة فكانت حرارة الحمى تصيب من وضع يده عليه من فوقها فقيل له في ذلك، فقال: ﴿إنا كذلك -أي: معشر الأنبياء- يشدد علينا البلاء ويضاعف لنا الأجر﴾ وقال ﷺ: ﴿إني أوعك كما يوعك رجلان منكم﴾ ومن شدة مرضه كان يغمى عليه ويفيق ﷺ، دخل عليه عبد الرحمن أخو عائشة ﵂ ومعه سواك، فجعل رسول الله ﷺ ينظر إليه، فعرفت عائشة ﵂ أنه يريد السواك، فأخذته وطيبته وأعطته رسول الله ﷺ، فجعل يستاك به.
11 / 16