216

المسائل الفقهية التي حمل النهي فيها على غير التحريم - من كتاب الطهارة إلى باب صلاة التطوع

المسائل الفقهية التي حمل النهي فيها على غير التحريم - من كتاب الطهارة إلى باب صلاة التطوع

Genre-genre

الدليل الأول: قول الله تعالى: ﴿وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ (^١).
وجه الاستدلال: أنه جاء في التفسير عن بعض السلف أن الرزق الحسن: هو الخل (^٢)، فإذا كان الخل مما أُبيح في هذه الآية، فيكون ذلك عمومًا في كل خَلٍّ إلا أن يقوم الدليل على تخصيص شيء منه (^٣).
نُوقش: بأن ظاهر الآية التنبيه على ما أنعم به علينا مما يتخذه من نفس ثمرات النخيل والأعناب، لا فيما يكون يُتخذ منها بواسطة، وهو التخليل (^٤).
الدليل الثاني: عن عائشة ﵂: أن النبي ﷺ قال: «نِعْمَ الْأُدُمُ (^٥) -أَوِ: الْإِدَامُ- الْخَلُّ» (^٦).
وجه الاستدلال: أنه ﷺ امتدح الخل، ولم يفرق بين الخل المتخَذ من الخمر وغيره، فهو على عمومه في الجميع (^٧).
نُوقش: بأن قوله: (نِعم) لفظ تفضيل وتشريف، وما كان مختلفًا في إباحته لا يستحق التفضيل والتشريف، وتخليل الخمر مُختلَف فيه: فلم يَجُزْ أن يكون داخلًا في عموم لفظ ينافيه (^٨)، وحديث أنس يخرج التخليل بفعل الآدمي من العموم.
الدليل الثالث: عن جابر ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «مَا أَقْفَرَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ أُدْمٍ فِيهِ خَلٌّ، وَخَيْرُ خَلِّكُمْ خَلُّ خَمْرِكُمْ» (^٩).

(^١) سورة النحل: الآية (٦٧).
(^٢) يُنظر: تفسير البغوي (٥/ ٢٨)، تفسير القرطبي (١٠/ ١٢٨).
(^٣) يُنظر: شرح مختصر الطحاوي، للجصاص (٦/ ٣٨٧).
(^٤) يُنظر: شرح التلقين (٣/ ٢/ ٣٦٠).
(^٥) الأدم والإدام: ما يؤتدم به، وهو ما يؤكل مع الخبز أي شيء كان. يُنظر: الصحاح (٥/ ١٨٥٩)، النهاية في غريب الحديث والأثر (١/ ٣١).
(^٦) أخرجه مسلم، كتاب الأشربة، باب فضيلة الخل والتأدُّم به (٣/ ١٦٢١) برقم: (٢٠٥١).
(^٧) يُنظر: شرح مختصر الطحاوي، للجصاص (٦/ ٣٨٨).
(^٨) يُنظر: الحاوي الكبير (٦/ ١١٤).
(^٩) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الرهن، باب ذِكر الخبر الذي ورد في خل الخمر (١١/ ٤٤١) برقم: (١١٣١٤)، قال ابن حجر في (التلخيص الحبير) (٣/ ٩٣): «في سنده المغيرة بن زياد، وهو صاحب مناكير، وقد وُثِّق، والراوي عنه حسن بن قتيبة، قال الدارقطني: متروك، وزعم الصاغاني أنه موضوع، وتعقبتُه عليه، وقال ابن الجوزي في التحقيق: لا أصل له».

1 / 220