Leaders of the Conquest of Andalusia
قادة فتح الأندلس
Penerbit
مؤسسة علوم القرآن
Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Lokasi Penerbit
منار للنشر والتوزيع
Genre-genre
وكان الجوّ حارًا. ولما انطفأت نار الغيرة وحبّ الفتح في قلوب العرب، تركوا هذه الناحية الشمالية ذات البرد القارس لبقايا المملكة النصرانية، فانضم إليهم الغوغاء المجازفون من فرنسة، وبمرور الزمن تألّفت منهم أمة صغيرة ذات بأس وضراوة على القتال. أما كيف قاتلت هذه الأمة الصغيرة إلى أن استولت على إسبانيا كلها واستردتها تارة أخرى، فهو حقيقة صفحة عظيمة في تاريخ العمليات العسكرية، ويحق للإسبانيين أن يفتخروا به من حيث هو استيلاء على الأرض، ومن سوء الحظ قد قضى هذا الاستيلاء على المدنية قضاءً مبرمًا.
ولست بصدد ذكر العمليات العسكرية هنا، والذي أريد بيانه، أنه في سنة ١٠٨٥ استرد الإسبانيون أقصى مدينة في الشمال من أيدي العرب وهي طليطلة قاعدة ملك الإسبانيين القديمة. وهذه المدينة اليوم في حالة تدل على ما جناه الإسبانيون على المدنية في قضائهم على العرب. ولهذه المدينة موقع فريد لا تشاركها فيه مدينة أخرى، فهي مبنية على كوم من الصخور مرتفع عن الأرض، والنهر محيط بها من ثلاث جهات. وفي القرن العاشر كان يعيش في تلك المدينة (٢٠٠٠٠٠) نسمة في غبطة وسعادة. وسيوف طليطلة مشهورة عند كل مؤرخ وخبري، لأن قيونها كانوا أمهر القيون في العالم. وعند الكلام على قرطبة يمكن أن تجمع شيئًا من أخبار طليطلة المدينة العربية العظيمة. واليوم بعد مرور ثمانية قرون من استرداد طليطلة، ترى سكانها نحو (٣٠٠٠٠) ألفًا من الكسالى، يدبون دبيبًا في شوارعها المهجورة الهامدة، ويعيشون على كرم الزائرين. ولما ركب الإسبانيون ودخلوها، يتقدمهم رئيس أساقفتهم، حين رفست المدنية تحت الأقدام وتلاشت، شيَّدوا فيها كنيسة فخمة فيما بعد، ولكن من جهة أخرى انحطت المدينة إلى حال أنها صارت قرية كبيرة، فكأنما بنيت الكنيسة لخراب المدينة. والجسر العظيم الذي على النهر متين جدًا ومفيد كثيرًا، فلذلك لم يقدروا على تدميره. وباب المدينة العجيب، باب الشمس، قد أبقوا عليه، فهو يظهر اليوم تذكارًا محزنًا
1 / 185