الفتى :
لكنه شفي من مرضه وعاد يحمل بريد الملكة، مرت أيام وأسابيع وشهور، لم أعد من الغربة فسلم أمره لله.
المقهوي :
وليلة كهذه الليلة كنت أجلس في الشرفة كعادتي أدخن المداعة وأنظر للقمر والنجوم، السكون خيمة سوداء تلف الجبال والسحب والصخور والأشجار الباسقة على رءوس الصخور والوادي الموحش والمقهاية والمسافرين النائمين. بعد شرب القهوة ومضغ القات، سمعت طرقعة الحصى على صخور المرحل السوداء التي تعكس بريق القمر، دققت النظر فرأيت شبحا أسود يهبط الدرجات الصخرية مسرعا، اقترب الشبح، الأقدام الحافية، الجلباب الأسود، الكيس الكبير على الظهر، الجنبية يلمع مقبضها العاجي من الحزام، هل ترجع أرواح الموتى؟ أم نجح الشاب في قتل الطاهش وسلم البريد للملكة وعاد؟ زاد الوهم يقينا حين اتجه الشبح إلى ينبوع الماء، انحنى على الفجوة ومد يديه وشرب، ثم وقف ومسح بكفيه ضريح الولي ورفعهما بالدعاء، واقترب من الباب فتنحنحت، فزع قليلا حتى كدت أحس بأنفاسه، ثم رفع صوته: المقهوي؟
المغني (مشيرا إلى التاجر العجوز الذي يضع مسبحته في جيب جلبابه وينهض) :
سألته قائلا: المقهوي؟
التاجر (مرتبكا) :
أنا؟
المغني :
نعم، وبعد قليل تسأل عن القهوة والعشاء.
Halaman tidak diketahui