لا يعرفون سُلُوًَّا يهتدون به ... هيهاتَ ليس مع العُشَّاق سُلوانُ
فقال: دع عنك هذا الكلام، وارسم لي بالمراد والمرام، واطلب الذي تختاره وتشتهيه، وأظهر لي المقصود ولا تخفيه.
فقلت: مرادي تطفي كربي من ثغرك بنهلة، وتجير كسر قلبي من خدك بقبلة، فهذا مرادي ومناي وجل قصدي، فأنلني مرادي بقيت بعدي:
تقبيل خَدَّكَ أشتهي ... أمَلٌ إليه أنْتَهِي
لو نلْتَ ذلك لم أُبلْ ... بالرُّوح منَي أن تَهِي
دُنياي لَذَّة ساعةٍ ... وعلى الحقيقة أنتَ هِيْ
فنظر إلي متبسما، وأشار إلي متحكمًا، وقال: يا لله العجب! كيف سلبك الحب العرفان، وأودي بذهنك مع القلب والأجفان، وكيف أعدمك الوجد تلك الفراسة، وأسلمك إلى المذلة بعد العز والرئاسة.
العشق غلب عليك فتهتَ في صحارى الحيرة، والحب أوقعك في الردى، فسلبت الخير والخيرة، يا ذا اللون الشاحب، والذهن الغائب، والجفن الساكب، والقلب الذائب، والوجد البادي، والحزن الحاضر، والدمع الجادي والقلب السائر، والصبر الغادي، والنوم الرائح، والقلب الصادي، والخد السائح.
أما لوحت بين يديك كرة، أما صرحت بقولي مرة بعد مرة، بأني في خدمتك فافعل ما تريد، واحكم علي حكم الموالي على العبيد، ها رضابي فانهل منه حتى تروى، وها لساني
1 / 26