يبيتُ كما باتَ السَّليم مسهدًا ... وفي قلبه نار يشبُّ لها وَقْدُ
وقد هَجَرَ الخلاَّنَ من غير ما قلى ... وأفردَهُ الهَمُّ الُمبرَّحُ والوَجْدُ
فبادرني منهم ذلك البدر الزاهر، والغصن الناضر، والرشا الشادن، والظبي الفاتن، ذو العيون المراض الصحاح، والجفون الوقار الوقاح، والجبين المشرق الوضاح، والخد المورد الأسيل والجيد الجيد الطويل، والخصر النحيف النحيل، والردف الخارج الثقيل، والثغر الأشنب الرائق، والطرف الأدعج الراشق، والمرشف الزلال، والرضاب القرقفي الحلال، سيد القوم وواسطة عقدهم، وفتنة الخلق وموجد وجدهم، ظبي الكناس ووحش الفلا، محرق القلب ومذيب الكلى، جاذب العاشق إلى الردى بزمام، مبهت الرائق في اعتدال ذلك القوام.
وانتدب فقال بأحسن مقال: وأنت حياك الله ورقاك، وسلمك من دواعي الهوى ووقاك، ولا أسهر لك جفنا من جفاء الحبائب، ولا أوقعك من هجر المحبوب في مصائد المصائب، ولا أحرق لك قلبًا بنار البعد والفراق، ولا أغرق لك جفنا بسيل المدمع المهراق، ولا أشغل فكرك بتجني الحبيب وصده، ولا أذاقك منه مرارة هجره وألم بعده، ولا أسلمك من صدوده إلى العناء والفكر، ولا أوقعك من تجافيه في بحار الأرق والسهر، ولا سلبك رونق الوصال والاجتماع، ولا راعك بيوم التفرق والوداع، بل عطف الله عليك الأعطاف، وأجناك ثمار الوصل دانية القطاف، وأنا لك
1 / 18