Lawaqih Anwar
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Penerbit
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Tahun Penerbitan
1315 هـ
رجلا حتى جعلته صديقا لا يعبأ الله به، وهو يساكن الدنيا بقلبه طرفة عين حتى لو ساكنها لأجل إخوانه ليصرفها عليهم لا يقلح، ومن أبقى عنده منها فوق قوت فقد ساكنها، وقد درج السلف الصالح على عدم المساكنة
للدنيا، وجعلوه من رهبانية الربانيين، وأحوال الحواريين فقال له رجل فإذا سكن إلى الدنيا لينفقها على نفسه وعياله وغيرهم من الملازم فقال له: دعونا من هذه الزلقات من أراده الله بهذا الأمر فليصدق الله فيه، ويسد باب الدنيا جملة وإلا فليرجع إلى ظاهر العلم ورعايته فيأخذ به ويعطي الناس، ويعم ويخص والله ما هلك من هلك من أهل الطريق إلا من حلاوة الغنى في نفوسهم، وقبول الظواهر المدخولة مع الوتوف مع ظاهرها، والله الذي لا إله إلا هو إني لأعرف من يدخل عليه عرض الدنيا فيقسمها إلى حقوق الله تعالى دون خصوص نفسه فيصير ذلك مع براءة ساحته منه حجابا قاطعا له عن الله تعالى، وكان يقول: إذا عرض على أحدكم طعام من حيث لا يحتسب فليأكله فإني عرض علي مرة طعام، فامتنعت من أكله فضربت بالجوع أربعة عشر يوما حتى إذا علمت أني قد عوقبت تبت إلى الله فزال ما كان عندي من الجوع، وما كنت إلا هلكت، وكان يقول: العجب في العبد مقت من الله عز وجل له، وهو يؤدي إلى مقت الأبد نسأل الله العافية.
ومنهم أبو علي الحسين بن أحمد الكاتب
رضي الله تعالى عنه ورحمه
من كبار مشايخ المصريين صحب أبا بكر المصري، وأبا علي الروذباري وغيره، وكان أوحد المشايخ في وقته حتى قال فيه أبو عثمان المغربي رحمه الله تعالى: أبو علي بن الكاتب من السالكين، وكان يعظمه، ويعظم شأنه.
مات سنة نيف وأربعين وثلاثمائة رحمه الله تعالى، وكان يقول: المعتزلة نزهوا الله من حيث العقل، فأخطئوا والصوفية نزهوا الله من حيث العلم فأصابوا.
وكان رضي الله عنه يقول: من سمع الحكمة فلم يعمل بها فهو منافق، وكان رضي الله عنه يقول: قال الله عز وجل: " من صبر علينا وصل إلينا "، وكان يقول: صحبة الفساق داء ودواؤها مفارقتهم، وكان رضي الله عنه يقول: روائح نسيم المحبة تفوح من المحبين، وإن كتموها، وتظهر عليهم، وإن أخفوها، وتدل عليهم، وإن ستروها، وكان رضي الله عنه يقول الهمة مقدمة الأشياء فمن صحح همته أتت عليه بتوابعه على الصدق، والصحة فإن الفروع تتبع الأحوال، ومن أهمل همته أتت عليه توابعه مهملة، المهمل من الأحوال، والأفعال لا يصلح لبساط الحق تعالى، وكان يقول: إن الله تعالى يرزق العبد حلاة ذكره فإن فرح به، وشكره آنسه بقربه، وإن قصر في الشكر أجرى الذكر على لسانه، وسلبه حلاوته رضي الله عنه.
ومنهم أبو الحسين بن حبان الجمال
رحمه الله تعالى
من كبار مشايخ مصر صحب الخراز والبيرسمي، مات رضي الله عنه في التيه.
وسبب ذلك أنه ورد على قلبه شيء فهام على وجهه فلحقوه في وسط التيه في الرمل ملقى ففتح عينيه، وقال أربع فهذا مربع الأحباب، وكان رضي الله عنه يقول: الناس يعطشون في البراري، وأنا عطشان على شاطئ النيل، وكان يقول: كل صوفي يكون هم الرزق قائما في قلبه فلزوم العمل أقرب له إلى الله تعالى، والمراد بالعمل الكسب، والاحتراف بالصنائع وغيرها، وكان يقول: علامة ركون القلب، وسكونه إلى الله تعالى أن يكون قويا إذا زالت عنه الدنيا، وأدبرت، وفقد الرغيف بعد أن كان موجودا عنده بلا كلفة، وكان يقول: اجتنبوا دناءة الأخلاق كسما تجتنبوا الحرام، وكان رضي الله تعالى عنه يقول: ذكر الله تعالى باللسان يورث الدرجات، وذكره بالقلب يورث القربات، وكان يقول: الإكثار من الوحدة حيلة الصديقين، وكان يقول: لا يعظم أقدار الأولياء إلا من كان عظيم القدر عند الله عز وجل.
ومنهم أبو بكر عبد الله بن طاهر الأبهري
رضي الله عنه
من كبار مشايخ الجبل، وهو من أقران الشبلي رضي الله عنه صحب يوسف بن الحسين الرازي، وأبا مظفر القرمسيني، وغيرهما من المشايخ، وكان عالما ورعا مات رضي الله عنه قريبا من ثلاثين وثلاثمائة، ومن كلامه رضي الله عنه الجمع جمع المتفرقات، والتفرقة تفرتة المجموعات فإذا جمعت قلت الله، وإذا فرقت نظرت إلى الكونين، وكان رضي الله عنه يقول: إن الله تعالى أطلع نبيه صلى الله عليه وسلم على ما يكون في أمته من بعده من الخلاف، وما يصيبهم في عار الدنيا فكان إذا ذكر ذلك وجد غانة في قلبه منه، فاستغفر الله لأمته، وقيل له: ما بال الإنسان
Halaman 96