Lawaqih Anwar
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Penerbit
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Tahun Penerbitan
1315 هـ
الله تعالى عنه
كان من أكابر أصحاب الجنيد رضي الله عنه صحب سهل بن عبد الله التستري وأقعد بعد موت الجنيد رحمه الله تعالى في موضعه لتمام حاله وصحة طريقته وغزارة علمه.
مات رحمه الله تعالى سنة إحدى عشرة وثلاثمائة رضي الله عنه ومن كلامه رضي الله عنه: من استولت عليه نفسه صار أسيرا في حكم الشهوات محصورا في سجن الهوى، وحرم الله على قلبه الفوائد فلا يستلذ بكلام الله تعالى، ولا يستحليه، وإن قرأ كل يوم ختمة لأنه تعالى يقول: " سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق " " الأعراف: 146 " يعني أحجبهم عن فهمها وعن التلذذ بها وذلك لأنهم تكبروا بأحوال النفس والخلق والدنيا فصرف الله عز وجل عن قلوبهم فهم مخاطباته وسد عليهم طريق فهم كتابه وسلبهم الانتفاع بمواعظه وحبسهم في سجن عقولهم وآرائهم فلا يعرفون طريق الحق، ولا يتعرفونه بل ينكرون على أهل الحق، ويحرفون كلامهم إلى معان لم يقصدوها، وغاب عنهم أن الله تعالى ما أعطاهم العلم إلا ليحتقروا نفوسهم، ويذلوا للعباد إجلالا لمن هم عبيد له سبحانه وتعالى، وكان رضي الله عنه يقول: من لم يحكم بينه وبين الله التقوى والمراقبة لم يصل إلى الكشف والمشاهدة فإن من لا تقوى عنده فوجهه مطموس ومن لا مراقبة له فحاله منكوس، وكان رضي الله عنه يقول: قدمت من مكة فبدأت بأبي القاسم الجنيد لئلا يتعنى لي فسلمت عليه ثم مضيت إلى منزلي فلما صليت الصبح فإذا أنا به خلفي في الصف فقلت له: إنما جئتك أمس لئلا تتعنى لي فقال لي: ذلك فضلك وهذا حقك وقال في قوله تعالى: " كونوا ربانين " " آل عمران: 79 " أي سامعين من الله قائلين بالله وكان يقول: لو رآيت من يهجرني لله تعالى لوضعت له خدي وكان يقول: من قرأ القرآن بقصد الدرجات في الجنة فقد رضي بالقليل بدلا عن الكثير لأن الجنة مخلوقة والقرآن غير مخلوق ومعظم الفائدة في قراءة القرآن، إنما هو وجود الرب وفهم خطابه فكيف بمن يطلب بقراءته عرضا من الدنيا، ومن فعل ذلك فقد فاته خير القرآن كله وكان يقول: انكشف القمر ليلة الجمعة وأنا في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذ له أسود مكتوب في وسطه بالنور أنا وحدي فغشي علي إلى الصباح وقال في قوله تعالى: " يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا " " مريم: 23 " إنما قالت مريم ذلك لأن الله تعالى أطلعها على أن عيسى عليه السلام سيعبد من دون الله فغمها ذلك فقالت: " يا ليتني مت قبل هذا " " مريم: 23 "، أي ولم أحمل بمن يعبد من دون الله تعالى فأنطق الله عيسى عليه السلام إني عبد الله فلا يضرني أن يدعوا في الإلهية جهلا وكفرا، رضي الله عنه.
ومنهم أبو العباس أحمد بن محمد بن سهل بن عطاء الآدمي
رضي الله عنه
كان من ظراف مشايخ الصوفية وعلمائهم له، لسان في فهم القرآن مختص به صحب الجنيد وإبراهيم المارستاني ومن فوقهم من المشايخ وكان أبو سعيد الخراز رضي الله عنه يعظم شأنه حتى قال التصوف خلق وما رأيت من أهله إلا الجنيد وابن عطاء مات سنة تسع أو إحدى عشرة وثلاثمائة رضي الله عنه، وسئل رضي الله عنه عن المروءة فقال: هي أن لا تستكثر لله عملا وكان رضي الله عنه يقول: خلق الله الأنبياء عليهم الصلاة والسلام للمشاهدة لقوله تعالى: " أو ألقى السمع وهو شهيد " وخلق الأولياء رضي الله عنهم للمحاورة لقوله صلى الله عليه وسلم: " عز جارك " وخلق الصالحين للملازمة قال الله تعالى: " وألزمهم كلمة التقوى " " الفتح: 26 " وهي لا إله إلا الله وخلق العوام للمجاهدة قال تعالى: " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا " " العنكبوت: 69 " وكان رضي الله عنه يقول: من تأدب بآداب الصالحين صلح لبساط الكرامة، ومن تأدب بآداب الأولياء صلح لبساط القربة، ومن تأدب بآداب الصديقين صلح لبساط المشاهدة، ومن تأدب بآداب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام صلح لبساط الأنس والانبساط، وكان رضي الله عنه يقول : لما عصى آدم عليه السلام بكى عليه كل شيء في الجنة إلا الذهب والفضة فأوحى الله تعالى إليهما لم لا تبكيان على آدم فقالا لا نبكي على من يعصيك فقال الله تعالى وعزتي وجلالي لأجعلن قيمة كل شيء بكما ولأجعلن بني آدم خدما لكما وكان يقول: السكون إلى مألوف الطباع يقطع صاحبه عن بلوغ درجات الحقائق، وكان يقول: أدن قلبك من مجالسه الذاكرين لعله ينتبه من غفلته وإيامك أن تكون حاضرا عند الذاكرين ولا تذكر معهم فتمقت وكان يقول: في قوله تعالى: " واسجد واقترب " " العلق: 19 " أي اقترب إلى بساط الربوبية
Halaman 81