Lawaqih Anwar
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Penerbit
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Tahun Penerbitan
1315 هـ
ومنهم أبو سليمان داود بن نصير الطائي
رضي الله تعالى عنه
كان رضي الله عنه كبير الشأن في باب الزهد والورع حتى إنهم دخلوا عليه في مرض موته فلم يجدوا في بيته شيئا غير دن صغير فيه خبز يابس ومطهرة ولبنة كبيرة من التراب هي مخدته، وكان رضي الله عنه يقول لأصحابه: إياكم أن يتخذ أحدكم في داره أكثر من زاد الراكب إلى البلاد البعيدة وقيل له مرة دلنا على رجل نجلس إليه فنربح فقال رضي الله عنه: تلك ضالة لا توجد وكان يقول إنما يطلب العلم للعمل به أولا فأولا وإذا أفنى الطالب عمره في جمعه فمتى يعمل به.
ومكث رضي الله عنه أربعا وستين سنة أعزب فقيل له كيف صبرت عن النساء قال: قاسيت شهوتهن عند إدراكي سنة ثم ذهبت شهوتهن من قلبي وكان لا يسأل الله الجنة حياء منه ويقول: وددت أن أنجو من النار فأصير رمادا وكان يقول: قد مللنا الحياة لكثرة ما نفعل من الذنوب، وكان رضي الله عنه يقول: من علامة المريد الزهد في الدنيا وترك كل خليط يرغب فيها جملة كافية يجالسه ولا يعوده والله تعالى أعلم.
ومنهم أبو علي شقيق بن إبراهيم البلخي
رضي الله تعالى عنه
كان رضي الله عنه من مشايخ خراسان له لسان في التوكل حسن الكلام، وقيل إنه أول من تكلم في علم الأحوال بكورة خراسان.
صحب إبراهيم بن أدهم وأخذ عنه طريقته وهو أستاذ حاتم الأصم رحمه الله وكان رضي الله عنه يقول: عملت في القرآن عشرين سنة حتى ميزت الدنيا من الآخرة فأصبته في حرفين وهما قوله تعالى: " وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى " وكان يقول: الزاهد هو الذي يقيم زهده بفعله، والمتزهد هو الذي يقيم زهده بلسانه وكان رضي الله عنه يقول: اتق الأغنياء فإنك متى عقدت قلبك معهم، وطمعك فيهم فقد اتخذتهم أربابا من دون الله.
وسئل بأي شيء يعرف العبد بأن نفسه اختارت الفقر على الغنى فقال: إذا صار يخاف من حصول الغنى كما كان يخاف من حصول الفقر فقد اختار الفقر. وسئل ما علامة صدق الزاهد فقال: أن يصير يفرح بكل شيء فاته من الدنيا، ويغتم لكل شيء حصل له منها، وكان يقول: مثل المؤمن كمثل الرجل غرس نخلة وهو يخاف أن تحمل شوكا، ومثل المنافق كمثل رجل غرس شوكا وهو يطمع أن يحصده رطبا هيهات، وكان يقول: لقيت إبراهيم بن أدهم بمكة فقال لي: اجتمعت بالخضر عليه السلام فقدم لي قدحا أخضر فيه رائحة السكباج فقال لي: كل يا إبراهيم فرددته عليه فقال: إني سمعت الملائكة تقول من أعطى فلم يأخذ، سأل فلا يعطي، وكان رضي الله عنه يقول: إذا كان العالم طامعا، وللمال جامعا فبمن يقتدي الجاهل، وإذا كان الفقير المشهور بالفقر راغبا في الدنيا، والتنعم بملابسها ومناكحها فبمن يقتدي الراغب حتى يخرج عن رغبته. وإذا كان الراعي هو الذئب فمن يرعى الغنم رضي الله عنه.
ومنهم أبو يزيد طيفور بن عيسى البسطامي
رضي الله تعالى عنه
مات سنة إحدى وستين ومائتين ومن كلامه رضي الله عنه مددت ليلة رجلي في محرابي فهتف بي هاتف من يجالس الملوك ينبغي له أن يجالسهم بحسن الأدب، وكان رضي الله عنه يقول: اختلاف العلماء رحمة إلا في تجريد التوحيد، ولقد عملت في المجاهدة ثلاثين سنة فما وجدت شيئا أشق على العبد من العلم ومتابعته. وكان رضي الله عنه يقول: عرفت الله بالله، وعرفت ما دون الله بنور الله، وكان يقول: خلع الله على العبيد النعم ليرجعوا بها إليه فاشتغلوا بها عنه، وكان يقول إلهي إنك خلقت هؤلاء الخلق بغير علمهم، وقلدتهم أمانة بغير إرادتهم فإن لم تعنهم فمن يعنهم؟ وسئل رضي الله عنه عن السنة والفريضة فقال: السنة ترك الدنيا بأسرها، والفريضة الصحبة مع الله تعالى، وذلك لأن السنة كلها تدل على ترك الدنيا، والكتاب كله يدل على صحبة المولى لأن كلامه صفة من صفاته تعالى، والنعم أزلية فيجب أن يكون لها شكر أزلي.
وكان يقول رأيت رب العزة في النوم فقلت يا رب كيف أجدك فقال فارق نفسك وتعال إلي.
وسئل رضي الله عنه ما صفة العارف فقال صفة أهل النار لا يموت فيها ولا يحيا وقيل له: متى يكون الرجل متواضعا، فقال: إذا لم ير لنفسه مقاما ولا حالا ولا يرى أن في الخلق من هو شر منه. وكان يقول رضي الله عنه: إن أولياء الله تعالى مخدرون عنده في جنان الأنس لا يراهم أحد في الدنيا ولا في الآخرة، وكان يقول: حظوظ كرامات
Halaman 65