Lawaqih Anwar
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Penerbit
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Tahun Penerbitan
1315 هـ
عليها أحب من أن أحتاج إلى الناس، فإن المال كان فيما مضى يكره أما اليوم، فهو ترس للمؤمن يصونه عن سؤال الملوك والأغنياء وكان يقول لا بد لمن يحتاج إلى الناس أن يبذل لهم دينه فيما يحتاج فيمسك على ما بيده من المال، وكان يقول: لا تصحب في السفر من يتكرم عليك فإنك إن ساويته في النفقة أضربك، وإن تفضل عليك استعبدك.
وكان يقول: الحلال في زماننا هذا لا يحتمل السرف، وكان يقول: خرجت مرة في الليل فنظرت إلى السماء، ففدت فلبي فذكرت ذلك لأمي فقالت: إنك لم تنظر إليها نظر اعتبار وإنما نظرت إليها نظر قلة.
وكان يرد ما يعطاه ويقول: لو أني أعلم منهم أنهم لا يفتخرون علي بعطائهم لأخذته منهم ولذلك كان يجوع، ولا يقترض ويقول: إنهم لا يكتمون ذلك بل يروح أحدهم، ويقول: جاءني سفيان الثوري البارحة، واقترض مني، وكان يقول: الأذان بخراسان أفضل من المجاورة بمكة، وكان يقول: الزهد في الدنيا هو قصر الأمل ليس بكل الخشن ولا بلبس الغليظ والعباء، وكان يقول : ازهد في الدنيا ونم لا لك، ولا عليك وكان يقول: إذا رأيتم العالم يلوذ بباب السلطان، فاعلموا أنه لص، وإذا رأيتموه يلوذ بباب الأغنياء، فاعلموا أنه مراء، وكان يقول: إن الرجل ليكون عنده المال وهو زاهد في الدنيا وإن الرجل ليكون فقيرا، وهو راغب فيها، وكان يقول: إني أحب أن أكون في مكان لا أعرف فيه.
وكانوا إذا ذكروا عنده الموت يمكث أياما لا ينتفع به أحد، وكان يقول: إذا عرفت نفسك لا يضرك ما قيل فيك، وكان يقول أصل كل عداوة اصطناع المعروف إلى اللئام، وكان يقول: إذا رأيت أخاك حريصا على أن يؤم فأخره، وكان يقول: لأن أشتري من فتى يتغنى أحب إلي من أن أشتري من قارئ لأن القارئ يتأول عليك في دراهمك، والمغني يعطيك دراهمك كاملة مروءة، أو ديانة وكان يقول: ما خالفت قارئا إلا خفت منه أن يشيط بدمي، وإذا كان لك إلى قارئ حاجة فلا تضرب له بقارئ مثله، يقف عن قضاء حاجتك.
وسئل عن الغوغاء فقال: الذين يطلبون بعلمهم الدنيا، وكان يقول: أول العلم طلبه، ثم العمل به، ثم الصمت ثم نظره، ولو أن أهل العلم أخلصوا فيه ما كان من عمل أفضل منه، وكان يأخذ بيده دنانير ويقول: لولا هذه لتمندلوا بنا، وكان يقول كثرة الأخلاء من رقه الدين، وكان يقول: ما أدري لو أصابني بلاء لعلي كنت أكفر، وكان يقول: عجبت لكون النساء أكثر أهل النار مع أن الرجال أعمالها أقبح من أعمالهن.
وكان قد جعل على نفسه ثلاثة أشياء أن لا يخدمه أحد، ولا يطوى له ثوب ولا يضع لبنة على لبنة، وكان رضي الله عنه يقول: هذا زمان عليك فيه بخويصة نفسك ودع العامة وكان يقول: من رأى نفسه على أخيه بالعلم والعمل حبط أجر عمله وعلمه، ولعل أخاه يكون أورع منه على حرم الله عز وجل، وكان إذا أخذ في الفكر صار كأنه مجنون لا يعي كلام أحد.
وبعث أبو جعفر أمير المؤمنين الخشابين قدامه حين خرج إلى مكة وقال: إذا رأيتم سفيان الثوري فاصلبوه. فوصلوا مكة ونصبوا الخشب وجاءوا إليه فوجدوه نائما رأسه في حجر الفضيل بن عياض ورجلاه في حجر سفيان بن عيينة، فقالوا: يا أبا عبد الله اتق الله ولا تشمت بنا الأعداء فتقدم إلى أستار الكعبة فأخذها، وقال برئت منه إن دخلها أبو جعفر فمات قبل أن يدخل مكة، وكان رضي الله عنه يقول: لميت أبا حبيب البدوي فقال يا سفيان منع الله تعالى عطاء لك وذلك لأنه لا يمنعك من بخل ولا عدم، وإنما هو نظر إليك واختبار، وكان رضي الله عنه يقول إن الملكين ليجدان ريح الحسنات والسيئات إذا عقد القلب على ذلك فكما لا يؤذونك لا تؤذهم.
وسئل عن رجل يكتسب لعياله ولو صلى في الجماعة لفاته القيام عليهم ماذا يصنع؟ قال: يكتسب لهم قوتهم ويصلي وحده وكان يقول: كثرة النساء ليست من الدنيا لأن عليا رضي الله عنه كان من أزهد الصحابة، وكان له أربع نسوة وتسع عشرة سرية.
وكان رضي الله عنه يقول: هذا زمان لا يأمن فيه الخامل على نفسه فكيف المشهور فيه، وكان يقول إذا سمعتم ببدعة فلا تحكوها لأصحابكم، ولا تلقوها في قلوبكم وكان يقول: قد قل أهل السنة والجماعة في زماننا هذا وكان رضي الله عنه يقول: إني لأعرف محبة الرجل للدنيا بميله لأهل الدنيا وإرساله السلام لهم وكان يقول: إذا رأيتم شرطيا نائما عن صلاة فلا توقظوه لها فإنه يقوم يؤذي الناس ونومه أحسن.
وقيل له ألا تدخل على الولاة فتتحفظ وتعظهم وتنهاهم فقال: أتأمروني أن أسبح في بحر ولا
Halaman 42