Lawaqih Anwar
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Penerbit
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Tahun Penerbitan
1315 هـ
من بشير إليه، وكان يقول: خفيت الأرواح في الأشباح لظهور الأشباح في هذه الدار، فوقع الاعتناء بالظواهر فشغل العبد بشهوده ظاهره عن مراعاة القلوب، والسرائر، والموفق لسعيد من زاحم لروحه، فأظهرها وجاهد في إصلاح حقيقته فخلصها، وحررها، وكان يقول: ليس الشأن من تغرب عليك بتستير أمر بشريته إنما الشأن من أظهر أمرها، وأوصافها ثم أبى لك آثار التحقيق عليها، وأبرز لك من مكنوناتها ذخائر الغيوب، وفي ذلك إشارة لفهم قوله تعالى: " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي " " الكهف: 110 " وكان يقول: العارف لا يبقى مع غير الله تعالى بحال، ولا يقف مع ما بدا له من الحق، ومتى وقف معه حجب به عن ربه تعالى، وكان يقول: رب شارب دواء نافع ظن الشارب أنه ماء لكونه على صورته، فكان فيه شفاؤه من جميع الأمراض كذلك الولي ربما عثر عليه من رآه في صورة العوام، فوصله إلى حضرة ربه، وهو عنه غافل لا يدري مقامه، ثم إذا استنار قلبه عرفه. وكان يقول: إنما ثبت البشر لسلطان نور التجلي، وتدكدك الجبل لأن طينة البشر عجنت من أصل أصيل بخلاف الجبل وكان يقول: الألسنة ثلاثة لسان نقل عن لسان، ولسان نقل عن قلب، ولسان نقل عن غيب، فالناقل عن لسان حاك، والناقل عن قلب عالم، والناقل عن غيب عارف، فلسان اللسان هواء عن هواء، ولسان القلب داع إلى هدى، ولسان الغيب يشير إلى عالم المحق، والفناء، وانطوى الفرع الأدنى في الأصل الأعلى.
وكان يقول: مهر العلوم حسن الفهوم، ومهر الحقائق الفناء تحت قهر سلطانها وكان يقول : نفس العارف المجعولة لسياسة معيشة الحياة الدنيا تلميذ تحت نور معرفته، ومريد تحت يد أستاذ روحه، وحقيقته تأخذ عنه مع جملة الآخذين، وتستفيد منه مع جملة المستفيدين، وتربى عنه كما يربي غيره من المريدين، وتؤمن بخصوصيته كما يؤمن به من شاء الله من المؤمنين، وهو معزول عن معرفة حقائق علومه الربانية، ومقاماته العلوية لأن ذلك كله من الأسرار المغيبة التي لا يطلع علماء الظواهر منها إلا على ظواهر آثارها، وكان يقول: إن لم يسمعك الغيب بالتجليات، والأنوار فاسمعه أنت بالطاعة، والأذكار وكان يقول: من تجددت له يقظات في وقت فذلك دليل على أن له غفلات وأهل التخصيص لا يقظة لهم لأنه لا غفلة لهم وكان رضي الله عنه يقول: إذا كنت مفتقرا في إنشاء نطفتك الإنسانية إلى خلقه، وتصويره فكيف لا تكون مفتقرا في هداية حقيقتك الأصلية إلى لطفه، وتنويره وكان يقول: قال الله عز وجل: " يا عبدي إذا لقيتني، وأنت لي عارف كتبت لك بعدد الأكوان حسنات " وكان يقول: رب عبد كان يستصغر نفسه أن يكون موجودا، فلما كسى خلعة الفضل صار يستحي من الله أن يرى الوجود الكوني مع الله شيئا مشهودا، وكان رضي الله عنه يقول: عليك باستماع الأخبار الطرية التي لم تحدث عن وجود فكر، وروية، فإنها دواء للقلوب، وكان يقول: ذاتك مرآة، وشكل ذاتك مرآة ذاتك، وكان يقول: إذا رأيت من رأى، فقد رأيت، وكان يقول: كل حقيقة بدت، فغاب تحت سلطانها شاهد شاهدها، فذلك مشهد حق، وإن لم يغب، ففي شهود ذلك مزج، وتلبيس، وكان يقول: الأرواح في عين ذاتها لا صورة لها، وإنما ذلك من حيث أشباحها، ولذلك لما عصى بنو آدم بدت السوءة لانطواء الأرواح، فإن عالم الأرواح إذا ظهر يشهد ربه، ولا عصيان مع وجود ذلك، وكان رضي الله عنه يقول: أعز الأشياء وجود الصدق في الطلب، ويليه في العزة القبول، وأعز منهما الظفر بالوصول وكان يقول: شيئان لا يكاد القلب يثبت عليهما معرفة الله، والخروج عما سوى الله تعالى، وكان يقول: ليس الشأن تجلي حبيبك مع وجدان رقيبك إنما الشأن تجلي حبيبك مع فقدان رقيبك، وكان يقول: العارف إن لم يطلبه الخلق ليصلوا بواسطته إلى الله تعالى طلبهم هو لاقتضاء حق الله تعالى، وكان يقول: الجنة مطلوبة والنار طالبة، ولهذا تعامل هذه بالطلب، وهذه بالهرب، وكان رضي الله عنه يقول: يرسل الوالد الشفوق ولده الطفل إلى الطبيب من حيث لا يشعر الطفل، ويقال له: تلطف به ولا تشقق عليه، وإكرامك علينا، ولا تكلفه معرفة دائه، ولا معرفة مداواته كذلك يقال: للعارف داو مرضى عبادنا إذا أتوك بتيسيرنا، وهم لا يشعرون ولا تكلفهم معرفة دائهم، ولا معرفة مداواتهم، فإنهم ربما شق ذلك عليهم، وعاملهم كما عاملناهم، فإنك داع إلينا، ومطالب بحقنا، فقد دعوناهم إلى حضرتنا، وجنتنا، وهم بها غير عالمين، وبكنه حقائقها على الحقيقة غير عارفين، وكان يقول: تتصارع الأسرار، والأنوار، ويدير كل واحد منهما كأسه على الآخر، فيسكران من كأسهما، فيغيبان عن وجودهما، فلا أسرار، ولا أنوار، وكان يقول: نعمة، وأي نعمة خطابهم لك ولو
Halaman 163