Lawāmiʿ al-asrār fī sharḥ Maṭāliʿ al-anwār
لوامع الأسرار في شرح مطالع الأنوار
Genre-genre
بتعظيم المنعم بسبب كونه منعما وذلك الفعل اما فعل القلب اعنى الاعتقاد باتصافه بصفات الجلال والجمال او فعل اللسان اعنى ذكر ما يدل عليه او فعل الجوارح وهو الاتيان بافعال دالة على ذلك والشكر كذلك ليس هو قول القائل الشكر لله بل صرف العبد جميع ما انعم الله به عليه من السمع والبصر وغيرهما الى ما خلق واعطاه لأجله كصرف النظر الى مطالعة مصنوعاته والسمع الى تلقى ما ينبئ عن مرضاته والاجتناب عن منهياته وعلى هذا يكون الحمد اعم من الشكر مطلقا لعمومه النعم الواصلة الى الحامد وغيره واختصاص الشكر بما يصل الى الشاكر والهداية الدلالة على ما يوصل الى المطلوب والغباوة عدم الفطنة والغواية سلوك طريق لا يوصل الى المطلوب والإلهام القاء معنى فى القلب بطريق الفيض والحق حال القول والعقد المطابق للواقع بقياسه اليه اعنى كونه مطابقا للأمر الواقع واذا قيس الى الواقع فهو الصدق اى كونه مطابقا له اذا تمهد هذا التصوير فتقول للنفس الناطقة قوتان نظرية وعملية ويمكن حمل قرائن هذه الخطبة على مراتبها فى كل واحدة منهما اما مراتب القوة النظرية فلأن النفس فى مبدء الفطرة خالية عن العلوم كلها لكنها مستعدة لها والا لامتنع اتصافها بها وحينئذ تسمى عقلا هيولائيا تشبيها لها بالهيولى الخالية فى نفسها عن جميع الصور القابلة اياها ثم اذا استعملت آلاتها اعنى الحواس الظاهرة والباطنة حصل لها علوم اولية واستعدت لاكتساب النظريات وحينئذ تسمى عقلا بالملكة لأنها حصل لها بسبب تلك الاوليات ملكة الانتقال الى النظريات ثم اذا رتبت العلوم الأولية وادركت النظريات مشاهدة اياها سميت بالعقل المستفاد لاستفادتها من العقل الفعال واذا صارت مخزونة عندها وحصلت لها ملكة الاستحضار متى شاءت من غير تجشم كسب جديد فهى العقل بالفعل ولما كان للانسان فى مبدء الفطرة المرتبة الاولى وآلات تحصيل المرتبة الثانية اى المشاعر الظاهرة والباطنة وهى كلها نعم يجب الحمد والشكر عليها حمد الله تعالى على اعطائه اياهما اشارة الى المرتبتين وقوله ونسئلك هدايا الهداية اشارة الى المرتبة الثالثة فان تحصيل المطالب النظرية من مباديها يتوقف على هداية الله تعالى الى سواء الطريق اذ الطرق متعددة والتميز بين الصواب والخطاء لا يتم بمجرد الطاقة البشرية ولما كانت الهداية وان اقتضت حصول المطالب غير كافية فيه بل لا بد معها من ارتفاع الموانع كالغباوة والغواية استعاذ بالله تعالى عنهما وقوله ونبتغى منك اعلام الحق والهام الصدق اشارة الى المرتبة الرابعة لان ملكة الا استحضار لا تحصل الا بعد اعلامات متتالية والهامات متوالية وفيه استعار بان المبدأ الفياض للصور العقلية خزانة حافظة كها على ما تقرر فى الحكمة ثم كرر الاشارة الى المراتب الاربع بان رتب اربع قرائن بازاء كل مرتبة قرينة واحدة تعليلا لما رسم فيها فكانه قال انما حمدتك على المرتبة الاولى لأن استعداد العلوم ليس الا من حضرتك وعلى المرتبة الثانية لأن دراية العلوم الأولية فيها المعدة ونبتهل اليك فى ان تصلى على محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين وعلى آله الطيبين الطاهرين وبعد فهذا مختصر فى العلوم الحقيقية والمعارف الالهية سميته بمطالع الأنوار ورتبته على طرفين الأول فى المنطق والثاني اربعة اقسام الأول فى الأمور العامة والثاني فى الجواهر خاصة والثالث فى الاغراض خاصة والرابع فى العلم الالهى خاصة
نحو اكتساب الثوانى تمتنع حصولها الا بإلهامك وانما سألتك الهداية فى تحصيل النظريات لانحصار العلم والحكمة فيك واعلام الحق والهام الصدق منك لأنك الجواد الحق والكريم المطلق واما مراتب القوة العملية فأولاها تهذيب الظاهر باستعمال الشرائع النبوية والنواميس الالهية المشتمل على جلها بل على كلها معنى الحمد والشكر حسب ما حققناه وثانيتها تهذيب الباطن عن الملكات الردية ونفض اثار شواغله عن عالم الغيب وذلك لا يتم الا بهداية الله تعالى وصرفه النفس عن الغباوة والغواية وثالثها ما يحصل بعد الاتصال بعالم الغيب وهو تجلى النفس بالصور القدسية ولا يكون ذلك الا باعلام الحق والهام الصدق ورابعها ما يتجلى له عقيب اكتساب ملكة الاتصال والانفصال عن نفسه بالكلية وهو ملاحظة جمال الله وجلاله وقصر النظر على كماله حتى يرى كل قدرة مضمحلة فى جنب قدرته الكاملة وكل علم مستغرقا فى علمه الشامل بل كل وجود وكمال انما هو فايض من جنابه والى هذه المرتبة اشار بحصر العلم والحكمة والجود فيه قال ونبتهل اليك فى ان تصلى على محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين وعلى آله الطيبين الطاهرين اقول من القضايا المذكورة فى العلوم الحقيقية ان استفادة القابل من المبدأ يتوقف على مناسبة بينهما وكثيرا ما يستعملها الحكماء فى كتبهم منها انهم قالوا فى المزاج ان انكسار الكيفيات المتضادة واستقرارها على كيفية متوسطة وحدانية توجب ان تكون لها نسبة الى مبدئها الواحد بسببها يستحق ان يفيض على الممتزج صورة او نفس وكلما كان المزاج اعدل والى الواحدة الحقيقية اميل كانت النفس الفائضة عليه بمبدئها اشبه ومنها قولهم ان النفوس الفلكية تستخرج بسبب حركاتها الاوضاع الممكنة من القوة الى الفعل فيحصل لها بواسطة ذلك مناسبات الى المبادى العالية التي هى بالفعل من جميع الوجوه فيفيض عليها من تلك المبادى الكمالات اللائقة بها الى غير ذلك من المواضع ولها مثل فى المواد الجزئية لا تكاد تنحصر ولما كانت النفس الانسانية منغمسة فى العلائق البدنية مكدرة بالكدورات الطبيعيه وذات المفيض عز اسمه فى غاية التنزه عنها لا جرم وجب الاستعانة فى استفاضة الكمالات من تلك الحضيرة بتوسط يكون ذا جهتى التجرد والتعلق حتى يقبل الفيض من المبدأ الفياض بتلك الجهة الروحانية وهى منه بهذه الجهة فلذلك وقع التوسل فى استحصال الكمالات العلمية والعملية الى المؤيد بالرياستين مالك ازمة الأمور فى الجهتين بافضل الوسائل اعنى الصلاة عليه والثناء بما هو اهله ومستحقه قال وبعد فهذا مختصر فى العلوم الحقيقية اقول اراد بالعلم هاهنا ادراكات المركبات وبالمعرفة ادراك البسائط وهذا الاصطلاح يناسب ما تسمعه من ائمة اللغة ان العلم يتعدى الى مفعولين والمعرفة الى مفعول واحد فلذلك خص المعارف بالالهية والعلوم بالحقيقية وسمى المختصر بمطالع الأنوار لان مسائل هذه الفنون يظهر بها للقوة العاقلة حقايق الأشياء ظهورها بين يدى الحس بالاضواء وابواب هذا الكتاب مظاهر تلك
Halaman 6