94

Lawamic Anwar

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Penerbit

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

1402 AH

Lokasi Penerbit

دمشق

(فَـ) إِنَّهُمْ: أَيِ الْأَثَرِيَّةَ مِنَ الْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ، (أَثْبَتُوا النُّصُوصَ) الْقُرْآنِيَّةَ وَالْأَحَادِيثَ النَّبَوِيَّةَ، مُتَمَسِّكِينَ (بِالتَّنْزِيهِ) لِلَّهِ ﷾، (مِنْ غَيْرِ تَعْطِيلٍ) لِلصِّفَاتِ الْوَارِدَةِ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ، وَهُوَ نَفْيُهَا عَنْهُ - تَعَالَى، فَإِنَّ الْمُعَطِّلِينَ لَمْ يَفْهَمُوا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَصِفَاتِهِ إِلَّا مَا هُوَ اللَّائِقُ بِالْمَخْلُوقِ، ثُمَّ شَرَعُوا فِي نَفْيِ تِلْكَ الْمَفْهُومَاتِ، فَجَمَعُوا بَيْنَ التَّمْثِيلِ وَالتَّعْطِيلِ، فَمَثَّلُوا أَوَّلًا وَعَطَّلُوا آخِرًا، فَهَذَا تَشْبِيهٌ وَتَمْثِيلٌ مِنْهُمْ لِلْمَفْهُومِ مِنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ - تَعَالَى - بِالْمَفْهُومِ مِنْ أَسْمَاءِ خَلْقِهِ وَصِفَاتِهِمْ، فَعَطَّلُوا مَا يَسْتَحِقُّهُ ﷾ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ اللَّائِقَةِ بِهِ ﷿، بِخِلَافِ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَجِلَّاءِ الْأَئِمَّةِ، فَإِنَّهُمْ يَصِفُونَ اللَّهَ ﷾ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ نَبِيُّهُ ﷺ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ (وَلَا تَشْبِيهٍ)، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ - تَعَالَى - قَالَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، فَرَدَّ عَلَى الْمُشَبِّهَةِ بِنَفْيِ الْمِثْلِيَّةِ، وَرَدَّ عَلَى الْمُعَطِّلَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، وَاعْلَمْ أَنَّ قُدَمَاءَ الْمُعْتَزِلَةِ كَأَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيِّ وَابْنِهِ أَبِي هَاشِمٍ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ هِيَ الْمُشَاكَلَةُ فِي أَخَصِّ صِفَاتِ النَّفْسِ، فَمُمَاثَلَةُ زَيْدٍ لِعَمْرٍو عِنْدَهُمْ مُشَارَكَتُهُ إِيَّاهُ فِي النَّاطِقِيَّةِ فَقَطْ، وَذَهَبَ الْمَاتُرِيدِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ هِيَ الِاشْتِرَاكُ فِي الصِّفَاتِ النَّفْسِيَّةِ، كَالْحَيَوَانِيَّةِ وَالنَّاطِقِيَّةِ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو. قَالُوا: وَمِنْ لَازِمِ الِاشْتِرَاكِ فِي الصِّفَةِ النَّفْسِيَّةِ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا الِاشْتِرَاكُ فِيمَا يَجِبُ وَيَجُوزُ وَيَمْتَنِعُ، وَثَانِيهَمَا أَنْ يَسُدَّ كُلٌّ مِنْهُمَا مَسَدَّ الْآخَرِ، وَيَنُوبَ الْآخَرُ مَنَابَهُ، فَمِنْ ثَمَّ يُقَالُ الْمِثْلَانِ مَوْجُودَانِ مُشْتَرِكَانِ فِيمَا يَجِبُ وَيَجُوزُ وَيَمْتَنِعُ، أَوْ

1 / 94