62

Lawamic Anwar

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Penerbit

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

1402 AH

Lokasi Penerbit

دمشق

الْعَالِمِ وَالصَّالِحِ، وَالْمَلَأُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ مَهْمُوزٌ: أَشْرَافُ النَّاسِ وَجَمَاعَتُهُمْ وَذَوُو الشَّارَةِ مِنْهُمْ (فَرْدِ) أَيْ وَاحِدٍ صَاحِبِ الْخِصَالِ (الْعُلَى) أَيِ الْمُرْتَفِعَةِ السَّامِيَةِ بِأَوْصَافِهَا الْجَمِيلَةِ، وَنُعُوتِهَا الْفَضِيلَةِ، (الرَّبَّانِي) أَيِ الْعَالَمِ الْعَامِلِ، الْمُعَلِّمِ لِلْعِلْمِ غَيْرَهُ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى الرَّبِّ بِزِيَادَةِ الْأَلِفِ وَالنُّونِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى كَمَالِ الصِّفَةِ، وَهُوَ الشَّدِيدُ التَّمَسُّكِ بِدِينِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَطَاعَتِهِ، وَعَنِ الْمُبَرِّدِ أَنَّهُ مَنْسُوبٌ إِلَى رَبَّانَ الَّذِي يُرَبِّي النَّاسَ بِالتَّعْلِيمِ.
وَقَالَ الصُّوفِيَّةُ: هُوَ الْكَامِلُ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ فِي جَمِيعِ الْمَعَانِي. وَفِي الْبُخَارِيِّ: الرَّبَّانِيُّ الَّذِي يُرَبَّى بِصِغَارِ الْعِلْمِ قَبْلَ كِبَارِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الرَّبَّانِيُّ مَنْ أُفِيضَتْ عَلَيْهِ الْمَعَارِفُ الْإِلَهِيَّةُ، فَعَرَفَ بِهَا رَبَّهُ، وَعَرَفَ النَّاسُ بِعِلْمِهِ، وَرَأَيْتُنِي كَاتِبًا فِي كِتَابِي " الْقَوْلِ الْعَلِيِّ فِي شَرْحِ حَدِيثِ سَيِّدِنَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ " عِنْدَ قَوْلِهِ ﵁: " النَّاسُ ثَلَاثَةٌ: فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ، وَمُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ، وَهَمَجٌ رِعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ ". مَا لَفْظُهُ: الْعَالِمُ الرَّبَّانِيُّ وَهُوَ الَّذِي لَا زِيَادَةَ عَلَى فَضْلِهِ لِفَاضِلٍ، وَلَا مَنْزِلَةَ فَوْقَ مَنْزِلَتِهِ لِكَامِلٍ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: الرَّبَّانِيُّ هُوَ الْمُعَلِّمُ، أَخَذَهُ مِنَ التَّرْبِيَةِ، أَيْ يُرَبِّي النَّاسَ بِالْعِلْمِ كَمَا يُرَبِّي الطِّفْلَ أَبُوهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ الْفَقِيهُ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: زَادُوا أَلِفًا وَنُونًا فِي الرَّبَّانِيِّ إِذَا أَرَادُوا تَخْصِيصًا بِعِلْمِ الرَّبِّ، كَمَا قَالُوا: شَعْرَانِيٌّ وَلِحْيَانِيٌّ لِعَظِيمِ الشَّعْرِ وَاللِّحْيَةِ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الزَّاهِدُ: سَأَلْتُ ثَعْلَبًا عَنْ هَذَا الْحَرْفِ، وَهُوَ الرَّبَّانِيُّ، فَقَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ الْأَعْرَابِيِّ، فَقَالَ: إِذَا كَانَ الرَّجُلُ عَالِمًا عَامِلًا مُعَلِّمًا، قِيلَ لَهُ: هَذَا رَبَّانِيٌّ، فَإِنْ حُرِمَ خَصْلَةً مِنْهَا لَمْ يُقَلْ لَهُ رَبَّانِيٌّ. وَفِي " مِفْتَاحِ دَارِ السَّعَادَةِ " لِلْإِمَامِ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْقَيِّمِ: مَعْنَى الرَّبَّانِيِّ الرَّفِيعُ الدَّرَجَةِ فِي الْعِلْمِ الْعَالِي الْمَنْزِلَةِ فِيهِ، وَعَلَى ذَلِكَ حَمَلُوا قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ﴾ [المائدة: ٦٣] انْتَهِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(رَبِّ) أَيْ صَاحِبِ، (الْحِجَا) كَالِي الْعَقْلِ وَالْفَطِنَةُ وَالْمِقْدَارُ الْعَالِي. كَانَ سَيِّدُنَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ ﵁ رَبْعَةً مِنَ الرِّجَالِ، حَسَنَ الْوَجْهِ، حَسَنَ الْهَيْئَةِ، لَا يَخُوضُ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ، ذَا وَقَارٍ وَسَكِينَةٍ، مِنْ أَحْيَا النَّاسِ وَأَكْرَمِهِمْ نَفْسًا، وَأَحْسَنِهِمْ عِشْرَةً وَأَدَبًا، كَثِيرَ الْإِطْرَاقِ وَغَضِّ الْبَصَرِ، مُعْرِضًا عَنِ اللَّغْوِ، لَا يُسْمَعُ مِنْهُ إِلَّا الْمُذَاكَرَةُ

1 / 62