Lawamic Anwar
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Penerbit
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
1402 AH
Lokasi Penerbit
دمشق
Genre-genre
Akidah dan Kepercayaan
الرَّبِّ إِذَا أُطْلِقَ يَتَنَاوَلُ الذَّاتَ الْمُقَدَّسَةَ بِمَا تَسْتَحِقُّهُ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ، فَيَمْتَنِعُ وُجُودُ الذَّاتِ عَرِيَّةً عَنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ، فَاسْمُ (اللَّهِ) جَلَّ وَعَزَّ يَتَنَاوَلُ الذَّاتَ الْمَوْصُوفَةَ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ، وَهَذِهِ الصِّفَاتُ لَيْسَتْ زَائِدَةً عَلَى هَذَا الْمُسَمَّى بَلْ هِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْمُسَمَّى، وَلَكِنَّهَا زَائِدَةٌ عَلَى الذَّاتِ الْمُجَرَّدَةِ الَّتِي ثَبَتَهَا نُفَاةُ الصِّفَاتِ
فَأُولَئِكَ لَمَّا زَعَمُوا أَنَّهُ ذَاتٌ مُجَرَّدَةٌ، قَالَ هَؤُلَاءِ: الصِّفَاتُ زَائِدَةٌ عَلَى مَا أَثْبَتُّمُوهُ مِنَ الذَّاتِ، وَأَمَّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَيْسَ هُنَاكَ ذَاتٌ مُجَرَّدَةٌ تَكُونُ الصِّفَاتُ زَائِدَةً عَلَيْهَا، بَلِ الرَّبُّ تَعَالَى هُوَ الذَّاتُ الْمُقَدَّسَةُ الْمَوْصُوفَةُ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ وَصِفَاتُهُ دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى أَسْمَائِهِ ﷾، انْتَهَى. وَهَذَا تَحْقِيقٌ لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
ثُمَّ أَخَذَ فِي ذِكْرِ الصِّفَاتِ الَّتِي يُثْبِتُهَا السَّلَفُ فَقَالَ «فَكُلُّ مَا» أَيْ وَصْفٍ «قَدْ جَاءَ» مَضْمُونُهُ «فِي الدَّلِيلِ» الشَّرْعِيِّ مِنَ الْكِتَابِ الْعَظِيمِ، وَسُنَّةِ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ، وَوَصَفَهُ بِهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ «وَ» أَنَّهُ «ثَابِتٌ» لَهُ ﷾، وَمَوْصُوفٌ بِهِ «مِنْ غَيْرِ مَا» زَائِدَةٌ لِمَزِيدِ النَّفْيِ وَتَأْكِيدِهِ «تَمْثِيلٌ» بَلْ نُثْبِتُ لَهُ مَا وَرَدَ وَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُ بِتَأْوِيلٍ وَلَا رَدٍّ، فَمَذْهَبُ السَّلَفِ فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ أَنَّهَا لَا تُؤَوَّلُ، وَلَا تُفَسَّرُ بَلْ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهَا، وَتَفْوِيضُ مَعْنَاهَا الْمُرَادُ مِنْهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَقَدْ رَوَى اللَّالْكَائِيُّ الْحَافِظُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ عَلَى الْإِيمَانِ بِالصِّفَاتِ مِنْ غَيْرِ تَفْسِيرٍ وَلَا تَشْبِيهٍ.
قَالَ الْعَلَّامَةَ الشَّيْخُ مَرْعِيٌّ، وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَائِنَا، وَغَيْرِهِمْ: مَضَتْ أَئِمَّةُ السَّلَفِ عَلَى الْإِيمَانِ بِظَاهِرِ مَا جَاءَ فِي الْكِتَابِ مِنْ آيَاتِ الصِّفَاتِ، وَكَانَ الزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ ابْنُ رَاهَوَيْهِ، وَغَيْرُهُمْ ﵏، وَرَضِيَ عَنْهُمْ - يَقُولُونَ فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ: مُرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ.
وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ - وَنَاهِيكَ بِهِ عِلْمًا وَفَهْمًا وَوَرَعًا وَزُهْدًا وَإِمَامَةً -: وَكُلُّ مَا وَصَفَ اللَّهُ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ فَتَفْسِيرُهُ قِرَاءَتُهُ وَالسُّكُوتُ عَنْهُ، لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُفَسِّرَهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ ﷺ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا، وَمِمَّا لَمْ نَذْكُرْهُ مِمَّا هُوَ أَضْعَافُ أَضْعَافِ أَضْعَافِهِ.
1 / 219