179

Lawamic Anwar

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Penerbit

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

1402 AH

Lokasi Penerbit

دمشق

حَقِيقَتُهُ وَمَجَازُهُ، وَهُمْ أَفْسَحُ مَا كَانُوا فِي هَذَا الْبَابِ مَجَالًا، وَأَوْسَعُ فِي اللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ مَقَالًا، وَبِلُغَتِهِمُ الَّتِي بِهَا يَتَحَاوَرُونَ وَمَنَازِعِهِمِ الَّتِي عَنْهَا يَتَنَاضَلُونَ، صَارِخًا بِهِمْ فِي كُلِّ حِينٍ، وَمُقَرِّعًا لَهُمْ بَعْضًا وَعِشْرِينَ مِنَ السِّنِينَ، وَمُوَبِّخًا لَهُمْ عَلَى رُؤُوسِ مَلَئِهِمْ أَجْمَعِينَ ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [يونس: ٣٨] .
فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ ﷺ يُقَرِّعُهُمْ أَشَدَّ التَّقْرِيعِ، وَيُوَبِّخُهُمْ غَايَةَ التَّوْبِيخِ، وَيُسَفِّهُ أَحْلَامَهُمْ، وَيُشَتِّتُ نِظَامَهُمْ، وَيَذُمُّ آلِهَتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ، وَيَسْتَبِيحُ أَرْضَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ، وَهُمْ فِي كُلِّ ذَلِكَ نَاكِصُونَ عَنْ مُعَارَضَتِهِ، مُحْجِمُونَ عَنْ مُمَاثَلَتِهِ، يُخَادِعُونَ أَنْفُسَهُمْ بِالتَّشْغِيبِ بِالتَّكْذِيبِ، وَالِاغْتِرَاءِ بِالِافْتِرَاءِ، فَيَقُولُونَ تَارَةً: هَذَا سِحْرٌ مُفْتَرًى، وَأُخْرَى: ﴿أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الأنعام: ٢٥]، وَطَوْرًا يَقُولُونَ إِذَا سَمِعُوا: آيَاتِ الْكِتَابِ: ﴿قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ﴾ [فصلت: ٥]، ﴿وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ﴾ [فصلت: ٥]، ﴿وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ﴾ [فصلت: ٥] .
وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَحْمَقَ وَهَذَى، فَقَالَ: بِضَرْبٍ مِنَ الدَّعْوَى: ﴿لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا﴾ [الأنفال: ٣١]، وَمَنْ تَعَاطَى شَيْئًا مِنْ سُخَفَائِهِمْ، بِدَعْوَى الْمُعَارَضَةِ افْتَضَحَ وَانْكَشَفَ عَوَارُهُ وَمَا نَجَحَ وَظَهَرَ بَوَارُهُ
وَلَمَّا سَمِعَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ قَوْلَهُ تَعَالَى ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى﴾ [النحل: ٩٠] قَالَ: وَاللَّهِ، إِنَّ لَهُ لَحَلَاوَةً، وَإِنَّ عَلَيْهِ لَطَلَاوَةً، وَأَنْ أَسْفَلَهُ لَمُغْدِقٌ، وَإِنَّ أَعْلَاهُ لَمُثْمِرٌ، مَا يَقُولُ هَذَا بَشَرٌ.
وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الحجر: ٩٤] فَسَجَدَ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ سَجَدْتُ لِفَصَاحَتِهِ، وَسَمِعَ آخَرُ رَجُلًا يَتْلُو ﴿فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا﴾ [يوسف: ٨٠] فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مَخْلُوقًا لَا يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ.
وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الشِّفَاءِ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رِضَى اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَوْمًا نَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ، إِذَا هُوَ بِقَائِمٍ عَلَى رَأْسِهِ يَتَشَهَّدُ شَهَادَةَ الْحَقِّ، فَاسْتَخْبَرَهُ، فَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ مِنْ بَطَارِقَةِ الرُّومِ مِمَّنْ يُحْسِنُ كَلَامَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهَا، وَأَنَّهُ سَمِعَ قَوْمًا مِنْ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ يَقْرَؤُونَ آيَةً مِنْ كِتَابِكُمْ، فَتَأَمَّلْتُهَا فَإِذَا هِيَ قَدْ جُمِعَ فِيهَا مَا أُنْزِلَ عَلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ﵇ مِنْ أَحْوَالِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [النور: ٥٢] .
وَحَكَى

1 / 179