Lawamic Anwar
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Penerbit
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
1402 AH
Lokasi Penerbit
دمشق
Genre-genre
Akidah dan Kepercayaan
هِشَامٍ فِي حَذْفِ حَرْفِ الْعَطْفِ: بَابُهُ الشِّعْرُ كَقَوْلِ الْحُطَيْئَةِ:
إِنَّ امْرَأً رَهْطُهُ فِي الشَّامِ مَنْزِلُهُ ... بِرَمْلِ يَبْرِينَ جَارٍ شَدَّ مَا اغْتَرَبَا
أَيْ وَمَنْزِلُهُ. وَالسَّمْعُ صِفَةٌ قَدِيمَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْمَسْمُوعَاتِ. وَإِثْبَاتُ هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ - أَعْنِي السَّمْعَ وَالْبَصَرَ - لِلدَّلَائِلِ السَّمْعِيَّةِ، وَهُمَا صِفَتَانِ زَائِدَتَانِ عَلَى الذَّاتِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ، كَسَائِرِ الصِّفَاتِ لِظَوَاهِرِ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ، وَلَيْسَا رَاجِعَيْنِ إِلَى الْعِلْمِ بِالْمَسْمُوعَاتِ وَالْمُبْصَرَاتِ خِلَافًا لِلْفَلَاسِفَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ، وَلِلْإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ فِي قَوْلِهِ: إِنَّهُمَا رَاجِعَانِ إِلَى الْعِلْمِ بِالْمَسْمُوعِ وَالْمُبْصَرِ، لَكِنِ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الْأَشَاعِرَةِ كَسَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ، أَنَّ كُلًّا مِنَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ صِفَةٌ مُغَايِرَةٌ لِلْعِلْمِ، وَنَقَلَ صَاحِبُ الْمَوَاقِفِ أَنَّ الْجُمْهُورَ خَالَفُوا أَبَا الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيَّ فِي قَوْلِهِ: إِنَّهُمَا رَاجِعَانِ إِلَى الْعِلْمِ، قَالَ: فَإِنَّا إِذَا عَلِمْنَا شَيْئًا كَاللَّوْنِ مَثَلًا عِلْمًا تَامًّا ثُمَّ رَأَيْنَاهُ، فَإِنَّا نَجِدُ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ فَرْقًا ضَرُورِيًّا، وَنَعْلَمُ أَنَّ الْحَالَةَ الثَّانِيَةَ مُخَالِفَةٌ لِلْحَالَةِ الْأُولَى بِلَا شُبْهَةٍ، وَلَوْ كَانَ الْإِبْصَارُ عِلْمًا بِالْمُبْصَرِ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ فَرْقٌ، وَهَكَذَا نَجِدُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْعِلْمِ بِهَذَا الصَّوْتِ وَسَمَاعِهِ، وَبَيْنَ الْعِلْمِ بِهَذَا الطَّعْمِ وَذَوْقِهِ، وَبَيْنَ الْعِلْمِ بِهَذِهِ الرَّائِحَةِ وَشَمِّهَا، وَظَوَاهِرُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ تَدُلُّ عَلَى الْمُغَايَرَةِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ، فَفِي الْبُخَارِيِّ فِي (بَابِ: وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا)، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ. وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ﵁ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَكُنَّا إِذَا عَلَوْنَا كَبَّرْنَا، فَقَالَ: " أَرَبِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا قَرِيبًا» " الْحَدِيثَ. وَقَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ: السَّمِيعُ مَنْ لَهُ سَمْعٌ يُدْرِكُ بِهِ الْمَسْمُوعَاتِ، وَالْبَصِيرُ مَنْ لَهُ بَصَرٌ يُدْرِكُ بِهِ الْمَرْئِيَّاتِ، وَالْكُلُّ مِنْهُمَا فِي حَقِّ الْبَارِي صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ - تَعَالَى، وَقَدْ أَفَادَتِ الْآيَةُ وَالْأَحَادِيثُ الرَّدَّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ بِمَعْنَى عَلِيمٍ.
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ قَوْلَهُ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) . . . إِلَى قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [النساء: ٥٨] وَيَضَعُ إِصْبَعَيْهِ» . قَالَ أَبُو يُونُسَ: وَضَعَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِبْهَامَهُ عَلَى أُذُنِهِ وَالَّتِي تَلِيهَا
1 / 144