141

Lawamic Anwar

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Penerbit

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

1402 AH

Lokasi Penerbit

دمشق

الصَّحِيحَةِ وَجَبَ الْإِيمَانُ بِهِ، ثُمَّ إِمَّا التَّفْوِيضُ وَإِمَّا التَّأْوِيلُ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: قَوْلُهُ ﷺ: " «ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ» "، حَمَلَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ عَلَى مَجَازِ الْحَذْفِ، أَيْ يَأْمُرُ مَنْ يُنَادِي، فَاسْتَبْعَدَهُ بَعْضُ مَنْ أَثْبَتَ الصَّوْتَ بِأَنَّ فِي قَوْلِهِ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُ هَذَا فِيهِمْ، وَبِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ إِذَا سَمِعُوهُ صَعِقُوا، وَإِذَا سَمِعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لَمْ يَصْعَقُوا. قَالَ: فَعَلَى هَذَا فَصَوْتُهُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ، لَا يُشْبِهُ صَوْتَ غَيْرِهِ، إِذْ لَيْسَ يُوجَدُ شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِهِ فِي صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ. قَالَ: وَهَكَذَا قَرَّرَهُ الْمُصَنِّفُ، يَعْنِي الْإِمَامَ الْبُخَارِيَّ فِي كِتَابِ خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ. انْتَهَى. وَمِنَ الْأَحَادِيثِ فِي إِثْبَاتِ الصَّوْتِ مَا رَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ قَالَ: خَرَجْتُ إِلَى الشَّامِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنِيسٍ الْأَنْصَارِيِّ ﵁ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَنِيسٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «يَحْشُرُ اللَّهُ الْعِبَادَ - أَوْ قَالَ النَّاسَ - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الشَّامِ، حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا "، قَالَ قُلْتُ: مَا بُهْمًا؟ قَالَ: لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ "، فَيُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ، كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ: " أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الدَّيَّانُ، لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَأَحَدٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَطْلُبُهُ بِمَظْلَمَةٍ حَتَّى اللَّطْمَةُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ وَأَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَطْلُبُهُ بِمَظْلَمَةٍ حَتَّى اللَّطْمَةُ "، قُلْنَا: كَيْفَ وَإِنَّمَا نَأْتِي اللَّهَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا؟ قَالَ: " بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ» "، أَخْرَجَ أَصْلَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ تَعْلِيقًا مُسْتَشْهِدًا بِهِ إِلَى قَوْلِهِ: «أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الدَّيَّانُ» . وَأَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَخْرَجَهُ الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ الْمَقْدِسِيُّ بِسَنَدِهِ إِلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ لِلنَّبِيِّ ﷺ حَدِيثًا فِي الْقِصَاصِ، وَكَانَ صَاحِبُ الْحَدِيثِ بِمِصْرَ، فَاشْتَرَيْتُ بَعِيرًا فَشَدَدْتُ عَلَيْهِ رَحْلًا، وَسِرْتُ حَتَّى وَرَدْتُ مِصْرَ، فَمَضَيْتُ إِلَى بَابِ الرَّجُلِ الَّذِي بَلَغَنِي عَنْهُ الْحَدِيثُ، فَقَرَعْتُ بَابَهُ فَخَرَجَ إِلَيَّ مَمْلُوكُهُ، فَنَظَرَ فِي وَجْهِي وَلَمْ يُكَلِّمْنِي، فَدَخَلَ إِلَى سَيِّدِهِ فَقَالَ: أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: سَلْهُ مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ. فَخَرَجَ إِلَيَّ مَوْلَاهُ، فَلَمَّا تَرَاءَيْنَا اعْتَنَقَ أَحَدُنَا صَاحِبَهُ، فَقَالَ: يَا جَابِرُ، مَا جِئْتَ تَعْرِفُ؟ فَقُلْتُ:

1 / 141