113

Lawamic Anwar

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Penerbit

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

1402 AH

Lokasi Penerbit

دمشق

عِبَادٌ عَبِيدٌ جَمْعُ عَبْدٍ وَأَعْبُدُ ... أَعَابِدُ مَعْبُودَاءُ مُعْبَدَةٌ عَبْدُ كَذَلِكَ عُبْدَانُ وَعَبْدَانِ أُثْبِتَا ... كَذَاكَ الْعَبْدَى وَامْدُدِ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُمِدّْ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ: لَيْسَ شَيْءٌ أَشْرَفَ، وَلَا اسْمٌ أَتَمَّ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْوَصْفِ بِالْعُبُودِيَّةِ، قَالَ الشَّاعِرُ: لَا تَدْعُنِي إِلَّا بِيَا عَبْدَهَا ... فَإِنَّهُ أَشْرَفُ أَسْمَائِي وَقَالَ الْآخَرُ: أُصَمُّ إِذَا نُودِيتُ بِاسْمِي وَإِنَّنِي ... إِذَا قِيلَ لِي يَا عَبْدَهَا لَسَمِيعُ (مَعْرِفَةُ الْإِلَهِ) ﷾ وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ مَعْرِفَةِ وُجُودِ ذَاتِهِ - تَعَالَى - بِصِفَاتِ الْكَمَالِ، فِيمَا لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ، دُونَ مَعْرِفَةِ حَقِيقِيَّةِ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ عَقْلًا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، يَعْنِي أَنَّ الْعَقْلَ يُحِيلُ مَعْرِفَةَ كُنْهِ ذَاتِهِ. وَقَوْلُهُ: أَوَّلُ وَاجِبٍ يَعْنِي لِنَفْسِهِ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ بِالنَّظَرِ فِي الْوُجُودِ وَالْمَوْجُودِ، وَوُجُوبُ ذَلِكَ بِالشَّرْعِ دُونَ الْعَقْلِ ; لِأَنَّ الْعَقْلَ لَا يُوجِبُ وَلَا يُحَرِّمُ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: وَجَبَتْ مَعْرِفَةُ اللَّهِ عَقْلًا لَا شَرْعًا ; لِأَنَّهَا دَافِعَةٌ لِلضَّرَرِ الْمَظْنُونِ، وَهُوَ خَوْفُ الْعِقَابِ فِي الْآخِرَةِ، حَيْثُ أَخْبَرَ جَمْعٌ كَثِيرٌ بِذَلِكَ، وَخَوْفُ مَا يَتَرَتَّبُ فِي الدُّنْيَا عَلَى اخْتِلَافِ الْفِرَقِ فِي مَعْرِفَةِ الصَّانِعِ مِنَ الْمُحَارَبَاتِ وَهَلَاكِ النُّفُوسِ، وَتَلَفِ الْأَمْوَالِ، وَكُلُّ مَا يُدَافِعُ الضَّرَرَ الْمَظْنُونَ بَلْ وَالْمَشْكُوكَ وَاجِبٌ عَقْلًا، كَمَا إِذَا أَرَدْتَ سُلُوكَ طَرِيقٍ فَأُخْبِرْتَ بِأَنَّ فِيهَا عَدُوًّا أَوْ سَبْعًا، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْكَ اجْتِنَابُهَا خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْهَلَكَةِ. وَرُدَّ قَوْلُهُمْ بِمَنْعِ ظَنِّ الْخَوْفِ فِي الْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ، إِذْ لَا يُلْزِمُ الشُّعُورَ بِالِاخْتِلَافِ، وَلَا بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الضَّرَرِ وَلَا بِالصَّانِعِ، وَبِمَا رُتِّبَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَالْإِخْبَارُ بِذَلِكَ إِنَّمَا يَصِلُ إِلَى بَعْضِ الْبَعْضِ، وَعَلَى فَرْضِ الْوُصُولِ لَا رُجْحَانَ لِجَانِبِ الصِّدْقِ ; لِأَنَّ التَّقْدِيرَ عَدَمُ مَعْرِفَةِ الصَّانِعِ، وَبَعْثَةِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَدَلَالَةِ الْمُعْجِزَاتِ، وَلَوْ سَلِمَ ظَنُّ خَوْفٍ، فَلَا نَسْلَمُ أَنَّ تَحْصِيلَ الْمَعْرِفَةِ يَدْفَعُهُ ; لِأَنَّ احْتِمَالَ الْخَطَأِ قَائِمٌ، فَخَوْفُ الْعِقَابِ أَوِ الِاخْتِلَافِ بِحَالِهِ وَالْعَنَاءِ زِيَادَةٌ. وَفِي كِتَابِ الشِّيرَازِيِّ (جَامِعِ الْأَنْوَارِ لِتَوْحِيدِ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ) مِنَ الْأَشْعَرِيَّةِ أَنَّ وُجُوبَ مَعْرِفَةِ اللَّهِ بِالْعَقْلِ وَالشَّرْعِ مَعًا. وَالتَّحْقِيقُ وُجُوبُ مَعْرِفَةِ الْبَارِي - جَلَّ شَأْنُهُ - شَرْعًا، وَقَوْلُهُ (بِالتَّسْدِيدِ) أَيِ التَّقْوِيمِ

1 / 113