معالم الدين من أحاديث الصادق الأمين
معالم الدين من أحاديث الصادق الأمين
Penerbit
دار مشارق الأنوار للبحث العلمي
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م
Genre-genre
عَمَلُهُ». قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَةٍ (١)، سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَيْءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ، وَالقَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا (٢)». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
٣٣ - عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ ﵎ أَنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا (٣)، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي (٤)
_________
(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (٨/ ٧٠): «ليس بمجرد العمل ينال الإنسان السعادة، بل هي سبب، ولهذا قال النبي ﷺ: «إنه لن يدخل أحدكم الجنة بعمله». قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل». وقد قال: ﴿ادْخُلُوا الجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ فهذه باء السبب، أي: بسبب أعمالكم.
والذي نفاه النبي ﷺ باء المقابلة، كما يقال: اشتريت هذا بهذا. أي: ليس العمل عوضًا وثمنًا كافيًا في دخول الجنة، بل لا بد من عفو الله وفضله ورحمته، فبعفوه يمحو السيئات، وبرحمته يأتي بالخيرات، وبفضله يضاعف البركات» اهـ.
(٢) سددوا: الزموا السداد وهو الصواب من غير إفراط ولا تفريط. قاربوا: أي: إن لم تستطيعوا الأخذ بالأكمل فاعملوا بما يقرب منه. اغدوا: استعينوا على مداومة العبادة بإيقاعها في الأوقات المنشطة، والغدوة: سير أول النهار، وهو ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس. والروحة: السير بعد الزوال إلى آخر النهار. والدلجة: سير آخر الليل، وقيل: سير الليل كله، ولهذا عبر فيه بالتبعيض، ولأن عمل الليل أشق من عمل النهار.
وهذه الأوقات أطيب أوقات المسافر، وكأنه ﷺ خاطب مسافرًا إلى مقصد فنبهه على أوقات نشاطه؛ لأن المسافر إذا سافر الليل والنهار جميعًا عجز وانقطع، وإذا تحرى السير في هذه الأوقات المنشطة أمكنته المداومة من غير مشقة. وحسن هذه الاستعارة أن الدنيا في الحقيقة دار نقلة إلى الآخرة، وأن هذه الأوقات بخصوصها أروح ما يكون فيها البدن للعبادة. وقوله: «القصد القصد» بالنصب فيهما على الإغراء، والمعنى: اقتصدوا في العبادة، ولا تتحملوا منها ما لا تطيقونه.
(٣) هذه الجملة تجمع الدين كله؛ فإن ما نهى الله عنه راجع إلى الظلم، وما أمر به راجع إلى العدل، وأعظم العدل توحيد الله، وأعظم الظلم الشرك بالله.
(٤) أي: اطلبوا الهداية مني.
1 / 42