قوله تعالى حكايةً عن النّملة: ﴿ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ﴾ ١، وكذلك: ﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِيْنَ﴾ ٢. فساغ ذلك تغليبًا بالوصف بمن يعقل. أو تغليبًا لمجاوَرةٍ، كقولك: (الفَرَسُ والجَمَلُ وعمرٌو ذاهبون) و(هندٌ وسعادٌ وزيدٌ منطلِقون) .أو تشبيهًا من جهة اللّفظ٣، كـ (عشرين) إلى (تسعين)؛ وهذا من أسماء الجموع. و(أَرضون) ٤ و(سنون) ٥ وما جاء مِن ذلك ممّا

١ من الآية: ١٨ من سورة النّمل. ٢ من الآية: ٤ من سورة يوسف. ٣ عشرون إلى تسعين ملحق بجمع المذكّر السّالم؛ لأنّه لا واحد له من لفظه، إذْ لا يقال: عِشْرٌ. وقيل:"لأنّ العدد لَمّا كان يقع على من يعقل نحو: (عشرين رجلًا)، وعلى ما لا يعقل نحو (عشرين ثوبًا)، وكذلك إلى التّسعين، غلّب جانب من يعقل على ما لا يعقل". أسرار العربيّة ٥٧. ويُنظر: توضيح المقاصِد ١/٩٥، وابن عقيل ١/٦٤. ٤"لأنّ الأصل في أرضٍ: (أرضة) بدليل قولهم في التّصغير: (أُرَيْضَة)، وكان القياس يقتضي: أن تُجمع بالألِف والتّاء، إلاّ أنّهم لَمّا حذفوا التّاء من (أرض)، جمعوه بالواو والنّون تعويضًا عن حذف التّاء، وتخصيصًا له بشيء لا يكون في سائر أخواته". أسرار العربيّة ٥٨. ٥"لأنّ الأصل في (سنة): (سنوة) - بدليل قولهم في الجمع: (سنوات) - و(سنهة) - على قولِ بعضهم -؛ إلاّ أنّهم لَمّا حذفوا اللاّم جمعوه بالواو والنّون تعويضًا من حذف اللاّم، وتخصيصًا له بشيء لا يكون في الأمر التّامّ؛ وهذا التّعويض تعويض جوازٍ، لا تعويض وُجوب؛ لأنّهم لا يقولون في جمع (شمس): (شمسون)، ولا في جمع (غدٍ): (غدون)؛ فلهذا لَمّا كان هذا الجمع في (أرض) و(سنة) على خلاف الأصل، أُدخل فيه ضربٌ من التّكثير، وفُتحت الرّاء من (أرضون) وكُسرت السين من (سنون)؛ إشعارًا بأنّه جُمِعَ جمعَ السّلامة على خلاف الأصل". أسرار العربيّة ٥٨.