Cetusan Dari Kehidupanku
لمحات من حياتي: سيرة شبه ذاتية
Genre-genre
في هذه الفترة شهدنا حربين، أما الحرب الثالثة فلها حديث خاص بها. صباح تأميم القنال كنت في الإسكندرية وذهبت إلى بترو كشأني في كل صباح، فقد كنت متعودا أن أجلس في ندوة الحكيم حتى الساعة الثانية عشرة، ثم أذهب إلى نادي السيارات وأستحم في مسبحه، وذهبت إلى توفيق الحكيم، وكان وحده متحمسا كل التحمس للتأميم، فعارضته معارضة شديدة متوقعا حربا ضروسا لا قبل لنا بها، وذكرت له أن هذه مسرحية ستدفع مصر وشعبها فيها ثمنا غاليا في مقابل لا شيء، فالقناة ستعود إلينا بعد سنوات قلائل ليس لها قيمة في عمر الشعوب.
وقال توفيق بك أنت تكره العهد، ولكن الإنسان في المناسبات الوطنية الكبرى ينسى كراهيته ولا يذكر إلا وطنه، واحتدم الخلاف، وكنت طبعا لا أستطيع أن أعنف به ففارق السن له في نفسي نوع من التقديس، فصمت قليلا وبدأ أهل الندوة يتقاطرون، فقمت مزمعا ألا أعود، وقد فعلت.
ومر يومان أو ثلاثة وإذا بالتليفون يطلبني في نادي السيارات، وإذا بي أجد توفيق بك على الطرف الآخر يعتذر لي ويرجوني أن أعود إلى الندوة، وكان رقيقا رقة زائدة، فغفرت له ما كان بيننا من نقاش عنيف، وعدت إلى الندوة فإذا الغالبية فيها من رأيي.
وفي أكتوبر حدث عدوان 1956م وكان الدمار الماحق إلى جانب الأرواح والأموال الطائلة التي فقدناها مع مهانة لمصر لا مثيل لها، وكانت خطبة رئيس الجمهورية في الأزهر تدل على الانهيار الكامل الذي دب في كيان عهده، ومع إصراره على القتال فقد كان واضحا أنه في حالة ثورة عارمة، وما دام هو ثائرا فلتذهب الأرواح والبنايات وكرامة الوطن إلى الجحيم.
وفي أثناء العدوان كنت ألتقي بتوفيق بك وقال لي يوما: كم كنت أنت محقا وأنا كنت أعارضك وكم كنت مخطئا في رأيي!
وسكت طبعا ولم أعلق.
ولولا أن أمريكا بخلق رعاة البقر غضبت لأن إنجلترا وفرنسا وإسرائيل أشعلت نيران الحرب دون إذن منها مما جعلها توجه إلى الدول الثلاث إنذارها الشهير لكان الخراب الكامل لمصر، وكان الإعلام المصري في هذه الحرب قد بلغ حضيضا لم يستطع أن يسفل عنه إلا في حرب 1967م.
وفجرت الأغاني المصرية لتجعل من هذه المهانة نصرا، فكنا بين شعوب العالم سخرية وأضحوكة لم يعرف العالم لها مثيلا إلا بعد ذلك بقرابة ثلاثين عاما على يد صدام حسين في حرب الخليج. •••
ومرت السنوات وأقفل رئيس الجمهورية الطاغية شرم الشيخ، وما حدث بيني وبين توفيق الحكيم حدث بيني وبين أخي الأكبر وتوأم روحي عبد الرحمن الشرقاوي حين رأى هو هذا العمل بطولة ورأيت فيه خرابا، وقد جرى الحوار بيننا في مكتبه بمؤسسة السينما بشارع سليمان باشا، واحتدم بيننا النقاش وتركته على نوع هين من المغاضبة ورغم حبي له نويت ألا أتصل به في هذه الفترة حتى لا تتسع هوة الخلاف، ونشبت الحرب وما كانت حربا، وإنما كانت ما عهدتم من سحق كامل لجيوشنا وأرواح أبنائنا وأموالنا في مدن القتال.
وكنت طوال أيام الحرب في بيتي أتتبع الأنباء من محطات العالم كلها إلا مصر، فلم تكن مصر تذيع إلا الأكاذيب.
Halaman tidak diketahui