Lamahat Min Hayat Ibn Taymiyya
لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية
Genre-genre
الوجه الثاني والعشرون: أنه سبحانه قد أوجب الخلود على معاصي من الكبائر وقيده بالتأييد ولم يناف ذلك انقطاعه وانتهاءه: فمنها: قوله تعالى: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} (النساء:93).
ومنها: قول النبي صلى الله عليه وسلم: [من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في نار جهنم خالدا فيها أبدا] وهو حديث صحيح.
وكذلك قوله في الحديث الآخر في قاتل نفسه: [فيقول الله تبارك وتعالى بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة] وأبلغ من هذا قوله تعالى: {ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا} (الجن:23)، فهذا وعيد مقيد بالخلود والتأييد، مع انقطاعه قطعا بسبب من العبد وهو التوحيد، فكذلك الوعيد العام لأهل النار لا يمتنع انقطاعه، بسبب ممن كتب على نفسه الرحمة وغلبت رحمته غضبه، فلو يعلم الكافر بكل ما عنده من الرحمة لما يئس من رحمته كما في صحيح البخاري عنه صلى الله عليه وسلم: [خلق الله الرحمة يوم خلقها مائة رحمة، وقال في آخره فلو يعلم الكافر بكل الذي عند الله من الرحمة لم ييأس من الجنة، ولو يعلم المسلم بكل الذي عند الله من العذاب لم يأمن من النار].
الوجه الثالث والعشرون: أنه لو جاء الخبر منه سبحانه صريحا بأن عذاب النار لا انتهاء له، وأنه أبدي لا انقطاع له، لكان ذلك وعيدا منه سبحانه والله تعالى لا يخلف وعده، وأما الوعيد فمذهب أهل السنة كلهم أن أخلاقه كرم وعفو وتجاوز يمدح الرب تبارك وتعالى به ويثني عليه به فإنه حق له إن شاء تركه، وإن شاء استوفاه، والكريم لا يستوفي حقه فكيف بأكرم الأكرمين؟!
وقد صرح سبحانه في كتابه في غير موضع بأنه لا يخلف وعده، ولم يقل في موضع واحد لا يخلف وعيده.
Halaman 141