ونهض في هدوء وارتدى سترته وقال في أدب ورقة: سأذهب.
نظرت إليه في دهشة؛ سيذهب؟ إلى أين؟ وبدا لها خروجه من بيتها شيئا عجيبا، لم يكن ضيفا وانتهت مدة زيارته، كان ... كان رجلها، رجل حياتها؛ زوجها، ابنها، وأباها، وبيتها هو بيته، أيخرج من بيته؟ وإلى من يذهب؟ وشعرت برغبة عنيفة في أن تحول بينه وبين الخروج، أن يتلاشى عقلها أمام لحظة الجنون، أن تطفئ شرارة التردد التي تشتغل داخلها شرارة الحب، ولكن الشرارة كانت داخلها، وأصابعها لا يمكن أن تصل إليها.
وأخفت دهشتها تحت ابتسامة نبيلة مهذبة، وصافحها في أدب شديد وخرج.
قلبي الذي عصيته
عيناي مفتوحتان لا تريان، والظلام كثيف ومخيف، والطريق ضيق حار، وأنفاسي بطيئة مخنوقة، وجسدي ثقيل مشلول.
أيمكن أن تكون هناك تعاسة أكثر من هذه التعاسة؟
أيمكن أن تبدو الحياة كئيبة كهذه الكآبة؟
حين يفقد المرء بصره مع أن له عينين، حين يشتد الظلام في وسط النهار؟!
كان أحد الملايين الذين تمر وجوههم أمامي فلا أكاد أذكر منها شيئا سوى أنها آدمية.
لكنه أراد أن يشد عيني الشاردتين إليه، أراد ... ولم يكن يملك شيئا من الإنسان إلا إرادته.
Halaman tidak diketahui