Kolumb dan Dunia Baru: Sejarah Penemuan Amerika
كولومب والعالم الجديد: تاريخ اكتشاف أميركا
Genre-genre
أما كولومب فكان يريد أن يصل إلى أرض كان الهنود يدعونها «بالبيك»، ولكن الريح كانت مضادة له، ولذا اضطر إلى تغيير الطريق، وكأن الله سبحانه وتعالى جعل الريح تعاكسه لكيما يعدل عن تلك البقعة إلى ما هو أهم منها، بل إلى أهم نقطة كانت هناك. وذلك أن كولومب شاهد في السادس من ديسمبر بينما كان متجها نحو الجنوب الغربي لسانا طويلا من الأرض العالية كانت قمتها مضوءة بالشمس الساطعة، وكان منظرها ينعكس في مياه رائقة جدا، تلك هي جزيرة «هايتي» الكبيرة التي دعاها كولومب «هسبنيولا»؛ أي إسبانيا الصغرى.
وإذ صادف الملاحون جمعا من الأهالي الهمج أخذوا منهم امرأة بالمحايلة وألبسوها ثيابا باهرة الألوان مرصعة بالأخراز والجناجل، ثم ألبسوها من السوارات والخواتم المعدنية شيئا كثيرا، وساروا وراءها في حفلة زاهرة، وبهذه الطريقة السديدة استمالوا الأهالي؛ حتى إن هؤلاء أحضروا في السفن في اليوم التالي ما لا يحصى من المؤن والمأكولات والبقول وغير ذلك.
أما عروس البارحة التي احتفل بها الملاحون ذلك الاحتفال الباهر، فأقبلت محمولة على مائدة خشبية مغطاة بالخضرة والأزهار يتبعها زوجها الذي طالما أظهر بحركاته وإشاراته وابتساماته امتنانه ومعرفته للجميل.
ثم زار كولومب كثير من أمراء تلك البقاع. أما حاكم البلاد أو أمير الأمراء المدعو «جواكاناجاري»، فأرسل إلى كولومب منطقة ركب عليها كيس من الجلد الطيب بشكل وجه بشري أذناه ولسانه وعيناه من الذهب الخالص، ولقد بعث برسول ألح على كولومب كثيرا بزيارة الأمير والمثول بين يديه.
ثم سارت السفن باسم الله مجراها، ولكن رأى كولومب أنه محتاج إلى الراحة؛ لأن المهمة الشاقة التي قام بها أتعبته جدا وكلفته مشاق عظيمة. إلا أنه لم يفارق أعلى السفينة ويدخل مخدعه حتى نام أغلب البحارة. وأصبحت السفينة سائرة كما تروم ويروم الريح، وما بقي من الملاحين مستيقظا إلا نفر قليل لا يكفون لإدارة السفن في مثل تلك الجهات الخطرة؛ فاصطدمت السفينة «سانتا ماريا» بصخرة صادفتها، وقبل أن يعطي الأميرال الأوامر، ويرشد إلى الطرق اللازمة لنجدتها وانتشالها اشتبكت بالرمال، ولم يدر بذلك أمير الأمراء - المار ذكره - حتى أرسل رجاله وقواربه ووضع تحت تصرف كولومب وأصحابه ثلاثة أكواخ، وجعل من رعيته حراسا يحرسون أولئك الأجانب الشرفاء - كما كانوا يدعونهم. ومن الغريب الذي يجدر ذكره هنا أنه لم يسرق من هؤلاء الأجانب في تلك المدة شيء بالمرة. أما كولومب فأول الحادثة الماضية - حادثة الاصطدام - بما معناه: «أرادت العناية الإلهية إغراق سفينتنا وبقاءنا في هذه البقعة وليس في غيرها؛ لأنها من جهة أجمل بقعة في تلك النواحي، ومن جهة أخرى ليصير أول مركز لنا هناك بجوار تلك المناجم الذهبية الغزيرة.» وفي الواقع ونفس الأمر صارت تلك البقعة الصغيرة أول مركز للغربيين في تلك الديار القاصية النائية. فابتنوا ببقايا السفينة التي تبدد شملها حصنا صغيرا أحاطوه بحفر وأسوار من أوتاد، ثم حصنوه بعدد من المدافع وسماه كولومب «لاناتيفيتي»؛ أي الميلاد. ثم ترك فيه عددا كافيا من الرجال، وأبحر في يوم الجمعة 11 يناير سنة 1493 قاصدا إسبانيا.
وكانت العودة طويلة كثيرة المشاق والأخطار، ولقد رأى الملاحون في أثنائها من أنواع العذاب ما لا يقدر. ففي ثلاث مرار مختلفة أوشك كولومب ورجاله أن يهلكوا، وكانوا يصلون بحرارة إلى العذراء طالبين منها أن تدفع عنهم تلك الشدائد، ولكن العواصف كانت تشتد والزوابع تقوى والأنواء تكثر حتى خاف كولومب وأصحابه من الغرق؛ ولذا أخذ الأميرال في كتابة تفصيل رحلته بكل سرعة، ثم وضعه في دن من صفيح ألقاه في اليم، ثم ربط دنا يشبه الأول تماما في طرف السفينة بعدما وضع فيه تفصيلا آخر.
وأخيرا بعد مضي ستة وثلاثين ساعة وهم على جانب عظيم من القلق الزائد والهم والغم وانشغال البال، سمعوا صوتا جهوريا صادرا من أعلى السفينة قائلا: اليابسة اليابسة! ولقد يعدني القارئ مبالغا أو مغاليا إذا قلت له: إن خبر الوصول إلى اليابسة لم يفرح سامعيه في المرة الأولى عندما كانوا قاصدين العالم الجديد مثل هذه المرة! وكانوا قد رسوا على سواحل جزيرة «العذراء» أول جزر «الآثور» من الجهة القبلية؛ فانشرحت صدورهم وابتهجت قلوبهم وقرت عيونهم وامتلئوا بشرا وحبورا. ومن العجيب الغريب الذي يعد من أكبر المعجزات نجاة تلك السفن الصغيرة من أيدي العواصف الهائلة ومقاومتها لها.
ولما كانت جزائر الآثور - ولا تزال - تتبع بلاد البرتقال امتلأ قلب حاكمها البرتقالي غيظا وحسدا للإسبانيين، وحقد عليهم حقدا دفينا حتى كادت تسول له نفسه الخبيثة - والنفس أمارة بالسوء - أن يحجزهم عنده كأسراء. ولكن تمكن كولومب بفصاحته وسياسته أن ينجو هو وسفنه ورجاله من هذا الذئب الجبان.
ولم يكونوا إلا على مائة وعشرين فرسخا من رأس «سنت فنسان» حتى فاجأهم نوء عظيم، فحمل على القلوع حملة شديدة مخيفة حتى كاد يمزقها تمزيقا، وكان الملاحون وضباطهم يوالون الصلوات إلى العزة الإلهية طالبين إزاحة هذه الكروب عنهم.
وفي الثالث من الشهر ازدادت العواصف والزوابع حتى لم يشك أحد منهم في الهلاك. فقر الرأي أخيرا أن يطلبوا من العلي أن يخلصهم، ونذروا لله أن يصوموا في مقابلة ذلك يوم السبت الذي سيعقب نزولهم إلى اليابسة تماما. وفي مساء ذلك اليوم رأوا اليابسة وكان الظلام حالكا، فكأن الله سبحانه وتعالى أجابهم إلى طلبهم عاجلا ونجاهم في نفس اليوم. ولما صاروا على مقربة من السواحل عرف الأميرال أنهم وصلوا إلى مصب نهر «التاج» أحد مجاري البلاد البرتقالية والإسبانية. وكان الوصول إلى الميناء - أو بالحرى الدخول فيه - صعبا جدا والسفينة عليها علائم الحزن والانكسار، محفوفة بكل أنواع الأخطار، ولكنهم بقوة الله ومعونته أمكنهم في المساء أن يرسوا في مرفأ «رستلو». ومن الغريب أن أصغر السفن نجت من الغرق، وسلمت من حملات العواصف والأنواء مع أن خمسا وعشرين سفينة غرقت في تلك النواحي، أو على الأقل أصابها عطب أثناء ذلك الشتاء الشديد رغما عن ضخامتها ومتانتها.
Halaman tidak diketahui