سالي-آن أشتون
كامبريدج، 2007
الفصل الأول
كليوباترا: جميلة سمراء؟
(1) رؤية القرن الحادي والعشرين
يطرح على أي دارس لتاريخ كليوباترا عادة سؤالان، هما: «أكانت كليوباترا جميلة؟» و«هل كانت سمراء؟» وعادة ما يطرح السؤال الثاني بصيغة تعبر عن تحيز أوروبي واضح؛ نحو: «لم تكن كليوباترا سمراء، أليس كذلك؟» على الرغم من أن هذين السؤالين تسيطر عليهما توقعات حديثة، فإنهما يرتبطان بكليوباترا بوصفها شخصية تاريخية ويستحقان إعطاءهما المزيد من الاهتمام في سياق هذا الكتاب.
يمكن الإجابة ببساطة عن هذين السؤالين عن كليوباترا بأننا لا نعرف هل كانت كليوباترا جميلة وسمراء، أم بيضاء وغير جذابة، أم مزيجا من أي من هذه المفاهيم الحديثة. نحن لا نملك جثمانها حتى نحدد العرق الذي كانت تنتمي إليه عبر تحليل الحمض النووي، ورغم ذلك، يجب ألا تمنعنا هذه الحلقة المفقودة من رؤية هذه الملكة على أنها شخصية أفريقية بارزة، وفي الواقع تؤيد الأدلة الأثرية المتبقية فكرة أن كليوباترا كانت تعتبر نفسها مصرية. كليوباترا بالطبع من أصل يوناني مقدوني، لكنها عندما اعتلت العرش عام 51 قبل الميلاد كانت أسرتها تعيش في مصر منذ 272 سنة. بالإضافة إلى هذه الحقيقة نحن لا نعلم هوية جدة كليوباترا، التي يرجح احتمال أنها كانت محظية أكثر من كونها زوجة رسمية، ومؤخرا بدأ التشكيك في هوية والدة كليوباترا (هس 1990).
إن الهدف من هذا الكتاب هو وضع كليوباترا في سياق حياتها في مصر والنظر إليها باعتبارها أحد حكام مصر، وليس على أنها حاكمة إغريقية. إن إعادة ترتيب الأفكار لتتناسب مع أسلوب التفكير هذا - بعيدا عن المصادر الرومانية المكتوبة التي يعتمد عليها الناس عادة - تطرح قضايا مشابهة للسؤال عن كون كليوباترا ملكة أفريقية. والهدف من هذا الفصل هو دحض وجهات النظر الأوروبية التقليدية عن كليوباترا.
ترسخت هوية كليوباترا بوصفها مصرية، وليست إغريقية، بوضوح في أثناء حياتها، فعقب وفاتها مباشرة وصف المؤرخ سترابو الملكة بأنها «المصرية» («الجغرافيا» 13. 1. 30). في هذا الموضع يصف سترابو إغارة أنطونيو على أحد المعابد من أجل الحصول على تمثال أحد الأبطال الإغريق وتماثيل بعض الآلهة من أجل إرضاء «المصرية». هذا وقد وصف المؤرخ الروماني لوسيوس أنيوس فلورس في القرن الثاني الميلادي كليوباترا بأنها «تلك المصرية» («الحروب» 2. 21. 1-3؛ وجونز 2006: 106). (2) شخصية أفريقية بارزة
يثير موضوع الانتماء العرقي لكليوباترا جدلا واسعا وعادة ما يستبعد من الدوائر الأكاديمية. شهدت بالمصادفة مثالا على إحدى هذه المناقشات بين زوار متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك في صيف عام 2006. أحد أكثر معروضات المتحف فخامة ومهابة هو معبد دندور الصغير، ويحتوي هذا المعبد على نقوش من نصوص وصور تتعلق بالإمبراطور الروماني أغسطس. درست هذا المعبد عدة مرات خلال زياراتي السابقة للمتحف، لكني كنت أولي اهتماما كبيرا بالنقوش المحفورة في ضوء الإعداد لموضوع هذا الكتاب. وبينما كنت أفحص الجزء الخارجي من المعبد وقف أب وأبناؤه بالقرب مني. قال الرجل - الذي اتضح من لكنته أنه أمريكي ومن الحوار الذي جرى أن له أصولا يونانية - لأبنائه إنهم سيخبرونهم في المدرسة أن المصريين هم أجداد الأمريكيين من أصل أفريقي لكن هذا ليس صحيحا. ثم سأل أطفاله إذا كانوا يرون أن صور الأشخاص على جدران المعبد تشبه الأمريكيين من أصل أفريقي، فهز الأطفال رءوسهم معبرين عن اتفاقهم مع ما يقوله والدهم، الذي أضاف إنه يجب عليهم تذكر أن كليوباترا كانت ملكة مصر وأنها كانت إغريقية، تماما مثل أجدادهم. قدم هذا الرجل معلومات خاطئة على صعيدين؛ أولا: يرجع تاريخ هذا المعبد إلى أوائل العصر الروماني؛ لذا كيف يمكن لصور الأشخاص أن تبدو مثل الأفارقة؟ وثانيا: لم تكن كليوباترا إغريقية فقط.
Halaman tidak diketahui