هوامش
الفصل الأول
الشيخ علي1
هو رجل تراه في ظاهره من الدنيا ولكن باطنه يلتحق بما وراء الطبيعة، وكان ينبغي أن لا يقوم مثله على مسرح الخلق إلا ممثلا، وأن لا يمثل إلا الوجه المطلق من الحياة، بعد أن استقصى الفلاسفة إلى تمثيله كل ذريعة، فلم يستو لهم أن يمروا فيه، وقصر بهم التكلف، وقطعتهم دونه تلك الفلسفة التي حملتهم عليه؛ فخلق الرجل نشيطا مهزوزا راميا بصدره ونحره، معترضا في زمام القدر كأنه صورة الفكر الذي يمثله، وكأنه أسلوب قائم بنفسه في بلاغة الطبيعة.
وأحسبه في نظره إلى الخلق يتوهم أنه رحالة خرج من بعض الأفلاك التي تعرف «بالعقول العشرة»،
2
فهبط من أشعته على الدنيا؛ فهذا العالم شيء جديد في نفسه، وهو شيء جديد في العالم.
ينظر إليك كما تنظر إليه، فأنت تتبين في سحنته
3
الواضحة أوصاف الجنون الهادئ، وتعجب من منظر تلك العاصفة النائمة في عينيه، وهو يستجلي منك معنى الغرابة في قدرة الله إذ أنشأك مثالا غير مفهوم، ويطيل عجبه منك أنك على ما فيك تتعجب منه؛ فكل رجل في رأيه إنما هو صورة من الرجل الصحيح الذي لم تزور فيه حرفة العيش ومطالب الحياة شيئا على الله.
Halaman tidak diketahui